للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المجانبة. والمجانبة المفارقة. فيسمى من فارق ماءه جنبًا. ويسمى من فارق فرج حليلته جنبًا. فيحمل الظاهر على العموم. فيقتضي الغسل بمجرد الإيلاج. وقد رجح أيضًا من أثبت الغسل على (١) ما تعلق به من الأحاديث، بأنها أثبتت حكمًا. فكانت أولى مما نفاه. وسلكوا طريقًا أخرى في بناء الأحاديث فقالوا نحمل قوله: الماء من الماء. على أنه في المنام. وتحمل أحاديثنا على اليقظة لئلا تتعارض أدلة الشرع. وقد حمله ابن عباس رضي الله عنه على ذلك. وقصر الحديث على الاحتلام. وأيضًا فإن الرازي ذكر أن الغسل بمجرد التقاء الختانين قد أجمع عليه السلف بعد الاختلاف الذي كان بينهم فيه (٢). فسقط حكم الاختلاف ولحقت المسألة بمسائل الإجماع. وهذا الذي قاله الرازي: قد أنكر حذاق أهل الأصول اتفاق وقوعه أصلًا. لأن اختلاف الأمة على قولين يتضمن جواز الأخذ بكل واحد من القولين، واتخاذه مذهبًا عند من رآه صوابًا، وإجماعها بعد ذلك على أحد القولين يتضمن منع الذهاب إلى الآخر بعد أن كان الاختلاف يتضمن جواز الذهاب إليه. وهذا يوجب تخطئة الأمة فيما تجمع عليه وذلك ممنوع. ورجحوا أيضًا بأن نفي الغسل مستفاد من دليل (٣) قوله: الماء من الماء. وإثبات الغسل مستفاد من النطق ونفس النطق أولى من دليل النطق. وإن تعلقوا بخبر آخر يستفاد ما قالوه من نطقه اقتصرنا على ما قدمنا من الترجيح. وقد رجح أيضًا من نفي الغسل ما تعلق به بأن ما قد (٤) ورد في الظواهر من ذكر الغسل والطهر محمول على غسل بعض الجسم لا كله. وما ورد من نفيه فمحمول (٥) على كل البدن لا بعضه. لئلا تتعارض أدلة الشرج. وأجيبوا عن


(١) على ساقطة -ح-.
(٢) روى سعد بن سعد الساعدي عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل ذلك رخصة للناس "أي إنما الماء من الماء" في أول الإِسلام نقله الثياب ثم أمر بالغسل. ونهى عن ذلك.
أخرجه أبو داود وصححه الترمذي والبيهقي. الهداية ج ٢ ص ٢٦/ ٢٧.
(٣) أي من مفهوم المخالفة. وهو دليل الخطاب عند الأصوليين.
(٤) قد ساقطة -و-ق-.
(٥) محمول -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>