للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاريًا على طريقة شيخه الأبهري من ربط الفقه بأدلته والانتصار لمذهب مالك والتوسع في القياس. فإن التفريع يقوم في المقابل على ضبط المذهب وترتيبه.

فهو منَ أوائل الكتب التي سلكت سبيل الاختصار والاقتصار في المذهب المالكي. وقد تأثر القاضي بهذا المنهج كما تأثر بمنهج أبي الحسن القصار.

ومع كتاب التفريع ألف كتابًا في الخلاف. لم يذكر القاضي عياض منهجه فيه ولم تصلني منه نسخة اعتمدها في المقارنة بين إنتاجه وما وصلنا من معاصريه وسابقيهم في العراق. وقد يبدو أنه سلك فيه طريقة شيخهم الأبهري.

٤ - أبو بكر محمَّد بن الطيب الماقلاني (١):

هو القاضي أبو بكر محمَّد بن الطيب بن محمَّد المعروف بالباقلاني الملقب بشيخ السنة ولسان الأمة. جمع الله فيه ما تفرق في غيره. فكان نادرة الزمان. حاز من الذكاء أعلى مستوياته ومن حضور البديهة أسرعها وأتمها.

ومن علو الهمة مراتب الرئاسة والتقدم، ومن التحصيل وقوة الحافظة ما يمد تلك المواهب بفيض غزير. ومن القدرة على الغوص على المعاني وإدراك خفايا الحقائق ما يدفع الشبه ويستبين به وجه الحق. أثنى عليه معاصروه ثناء جمًا في حدود ما تمكنهم منه العبارة وهو فوق ذلك. ناظر العلماء وفاز عليهم. وناظر النصارى فأفحمهم. وصدق القاضي عبد الوهاب لما قال: والذي فتح أفواهنا وجعلنا نتكلم أبو بكر بن الطيب. فهو فصيح العبارة سهل الله عليه الكلام مع الإتقان.

قال الميورقي حسبت تواليف القاضي وإملاآته فقسمت على أيام عمره من مولده إلى موته فوجد أنه يقع لكل يوم منها عشر ورقات أو نحوها (٢).

كما ذكر أنه كان حصنًا من حصون المسلمين ما سُرَّ أهل البدع بشيء مثل


(١) البداية والنهاية ج ١١ ص ٣٥٠. وفيات الأعيان ج ٤ ص و ٢٦. العبرج ٣ ص ٨٦. وترتيب المدارك ج ٧ ص ٤٤ - ٧٠.
(٢) المدارك ج ٧ ص و ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>