للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإناث، إلى غير ذلك مِمّا في معناه.

والجواب عن السؤال الثّالث أن يقال:

أمّا العبادات الّتي هي من أعمال الأبدان المحضة، فلا تجوز النّيابة فيها كالصّلاة والطّهارة، فإنّه لا ينوب فيها أحد عن غيره، وكذلك الحجّ، لكنّه إذا أوصى به، نفذت الوصيّة على ما نذكره في موضعه. وعند المخالف يستناب فيه مع الحياة، على ما نفصّل القول فيه في موضعه، إن شاء الله تعالى، لمّا كان عبادة بدنيّة وفيها بذل مال، والأموال تصحّ النّيابة فيها. ولكن إذا كان ذلك مِمّا لا يستناب فيه على ما قدّمناه من مذهبنا ومذهب المخالف، فإنّ العذر عن ذلك كون ركعتي الطّواف تبعًا في هذه العبادة.

وأمّا الزكاة فإنّها تصحّ النّيابة فيها من مال من ينوب، ومن مال من وجبت عليه الزّكاة. وإن كانت من القربات، فإنّها عبادة ماليّة. وقد استناب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عليًّا في نحو البدن (١) ونحرها قربة.

وأمّا الصّوم فإنّه لا تصحّ النّيابة فيه مع الحياة. وأمّا مع الموت فعندنا أنّه لا يصوم أحد عن أحد حيًّا كان أو ميّتًا. وقد روي في الصحيح الحديث المذكور فيه من مات وعليه صوم صام عنه وليّه (٢). والمخالف أخذ بها (٣) على حسب ما ذكرناه في الكتاب "المعلم". وبه أخذ الشّافعيّ في أحد قوليه.

وأمّا الحدود فتجوز النّيابة فيها أيضًا. وقد قال عليه السلام: (واغْدُ يا أُنَيْس على امرأة الآخر فإن اعترفتْ فارجمها (٤).

وعند الشافعية اختلاف في جواز الوكالة على استيفائها مع غيبة الموكِل.

وتجوز الوكالة في اقتضاء الحقوق. وقد قال عليه السلام لجابر: خذ لي


(١) فتح الباري: ٤/ ٣٠٢ - إكمال الإكمال: ٣/ ٣٧٢.
(٢) المعلم: ٢/ ٣٩ حد. ٤٤٣.
(٣) كذا في النسختين، ولعل الصواب: به.
(٤) الترمذي: ٣/ ١٠٢. حد. ١٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>