للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفرقة بين القليل والكثير فإن كان الذي لا تناله يده (١) أكثر الجسد فعليه تطلب ذلك وإن كان أقل الجسد ومما لا بال له فيه عفي له (٢) عن التطلب كما عفي عن العمل اليسير في الصلاة. ذهب إلى هذا أبو الحسن بن القصار.

والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: أما المضمضة والاستنشاق فاختلف الناس فيهما. فذهب مالك إلى أنهما سنتان في الغسل. وذهب أبو حنيفة إلى أنهما فريضتان فيه. والنكتة التي يدور عليها الخلاف، اعتبار كونهما من ظاهر الجسم فيجب غسلهما كالساق أو العضد. أو هما من باطن الجسم فلا يجب غسلهما كداخل الصماخ.

فرجح من نفى الوجوب مذهبه بقوله عليه السلام: إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماء ثم تفيضي عليك (٣). ولم يأمر بالمضمضة والاستنشاق مع قصده بهذا الحديث التعليم. والتعليم يستقصى فيه البيان.

ورجح من أثبت الوجوب مذهبه بقوله عليه السلام: فإذا وجدت الماء فامسسه (٤) جلدك، وقد قال ثعلب: داخل الفم جلد -قيل: قد خولف ثعلب في هذا، فلا يسلم ما قال. وقد تعلقوا بأحاديث لم يسلم لهم صحتها أيضًا، فلا وجه للاشتغال بتأويلها.

والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: النكتة التي يدور عليها الخلاف في تخليل اللحية قريب مما ذكرناه في المضمضة. وذلك أن شعر اللحية يستر الذقن. فهل ينتقل حكم الذقن إليه، ويلحق الذقن بباطن الجسم فيكون التخليل غير واجب. أو يبقى حكم الذقن على ما كان قبل من إيصال الماء إليه على حسب الإمكان؟ وقد رجح من أثبت الوجوب مذهبه بما روي أنه عليه السلام: كان يخلل أصول شعره في غسل الجنابة (٥). ولم يخص شعرًا دون شعر. فأن


(١) يداه -ق-.
(٢) له ساقطة -ق-.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) روى البخاري بسنده إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في وصفها لغسل رسول الله=

<<  <  ج: ص:  >  >>