للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل فيلزم على هذا تخليل شعر اللحية في الطهارة الصغرى. قيل قدمنا أن ذلك اختلف فيه أيضًا. على أن من الناس من فرق بينهما، بأن الطهارة الصغرى خفف الأمر فيها حتى جاز استعمال البدل فيها اختيارًا، بمسح الخفين النائب عن غسل الرجلين. ولم يرد مثل ذلك في الطهارة "الكبرى" فلهذا صح أن يقال أن الشعر ينوب غسله عن غسل البشرة في الطهارة الصغرى. ولا ينوب عن ذلك في الطهارة الكبرى.

وقد رجح من نفى الوجوب مذهبه، بأنه قد اتفق على أنه ليس على المتيمم إيصال التراب إلى البشرة، ولو كان الفرض لم ينتقل عنها إلى الشعر لوجب تخليل الشعر في التيمم ومباشرة البشرة على حسب الإمكان. فلما لم يجب ذلك في طهارة التراب لم يجب مثل ذلك في طهارة الماء. وقد رأى بعض شيوخنا أن فائدة التخليل استيعاب غسل الشعر. فإنه ربما منع الأعلى منه وصول الماء لما تحته. ولم ير أن فائدته إيصال الماء إلى البشرة. وهذا الذي قاله إنما يستمر على رواية ابن وهب عن مالك أن تخليل اللحية من الجنابة واجب. وليس إيصال الماء إلى البشرة التي تحت الشعر بواجب. والطريقة الأولى التي قدمنا هي التي عليها الحذاق.

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: إنما اختار البداية بغسل مواضع الأذى، لأنه يفتقر إلى تطهيرها من الجنابة. وتطهير العضو من الجنابة، إنما يكون بعد إزالة النجاسة عنه. فإذا غسل عنه النجاسة، فقد قال بعض شيوخنا يغسله بنية الجنابة ليأمن من مس ذكره في أثناء طهارته. فيسلم بذلك من نقض الطهارة الصغرى. ويأمن من انتقاضها إذا قدم ذلك. ولو غسل ذلك بنية الجنابة وإزالة النجاسة معًا، لأجزأه ذلك عنده. وهذا فيه مطعن متى اعتقد المغتسل أن إزالة النجاسة ليست بفرض، على ظاهر أحد القولين. لأن جمعها (١) على هذا القول مع غسل الجنابة، جمع بين فرض ونفل، وقصد إليهما معًا. وذلك لا


= - صلى الله عليه وسلم -: ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول الشعر. فتح الباري ج ١ ص ٣٧٦. وأخرجه أحمد بسنده إليها إلى أن قالت: ثم يخلل أصول شعره حتى إذا ظن أنه قد استبرأ البشرة اغترف ثلاث غرفات. الفتح الرباني ج ٢ ص ٦٢٨.
(١) جمعهما -ق-.

<<  <  ج: ص:  >  >>