ورد الشّرع بالمنع من ابتذال مَالَه حُرمة في الدّين. وقال عليه السّلام:"الإِسلام يعلو ولا يعلى عليه"(١) وقد ورد الشرع بالنّهي عن السّفر بالقرآن إلى أرض العدوّ. فإذا سافر المسلم إلى أرض العدوّ، فلا يخلو أن يكون سفره لمعصية يحضلها هناك، أو لطاعة وبرٍّ، أو لأمر مباح.
فأمّا سفره طالبًا لمعصية فلا شكّ في تحريمه ولو كان إلى بلد المسلمين فكيف ببلد أهل الكفر.
وأما إن كان سفره لطاعة، تجب على الأعيان أو على الكفاية أو ما في معنى ذلك، كان سفره جائزاً. كسفر المسلم إلى أرض الحرب يفتك منه أسيرًا مسلمًا، لكون فكاك الأسرى قد أمر به الشّرع.
وأمّا إن كان سفره لأمر مباح في نفسه، كتجارة يبتغيها هناك، فإنّه منهي عن ذلك على الجملة. وظاهر المذهب على قَولين: هل ذلك نهي تحريم أو نهي كراهة؟
فقال ابن القاسم: شدد مالك في السّفر إلى بلد الحرب. وقال ابن الموّاز: ليس بحرام. وقال ابن حبيب؛ قال مالك وأصحابه: لا يجوز السّفر إلى بلد الحرب لتجارة ولكن يجوز ذلك لمفاداة أسير. وذكر سحنون أنّ من ركب البحر إلى بلد الرّوم طلبًا للذنيا فإنّه يجرّح بذلك. وظاهر هذا يقتضى كونه أنّه يرى ذلك حرامًا. وكذلك إطلاق ابن حبيب أنّ ذلك لا يجوز.
(١) فتح الباري: ٣/ ٢١٨. كتاب الجنائز: باب ٧٩: إذا أسلم الصبي فمات.