للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فظاهر المدوّنة أنّه يمهل المشتري المسلم إلى انقضاء أيّام الخيار، لأنه قد تعلّق له حق بالتأخير إلى هذا الأمد، وهو حق مسلِم، فلا نبطله لحق مسلِم آخر وهو الذي أسلم.

كما لو استأجر المسلم عبدًا نصرانيّا وسيّده نصرانيّ فإنّه لا تبطل الإجارة لتعلّق حق مسلم بها، فلا يبطل حق مسلم وهو المستأجِر لحقّ العبد المستأجَر الذي هو باق في الإجارة على ملك سيّدِه، وهو في الإجارة (١) إذا كان أمدها بعيدًا لا يصح البيع. فهذا أيضًا يجري على ما ذكرناه في تأخير المسلم إذا كان له الخيار أمدًا معلومًا لتعلّق حقّه بذلك. فالحكم جار على أسلوب واحد في مراعاة حق مسلم فيما له من تأخير الخيار أو تأخير أمد الإجارة مع كون ملك الرّقبة لم يخرج عن الكافر.

بخلاف أن يكون المشتري بالخيار كافرًا فإنّه يبطل حقّه في تأخير الخيار لحق المسلم وهو العبد، وحق العبد المسلم مقدّم على حق الكافر. بخلاف حقين تعارضا بين مسلمين.

ولو كان المشتري نصرانيّا والعبد نصرانيًّا فأسلم، والخيار للبائع وهو مسلم، فهل يجوز للبائع المسلم أيضًا البيعْ للنّصراني أم لا؟ هذا قد يجري على القولين في بيع الخيار إذا أمضي هل يقدر أنه إنّما عقد حين إمضائه، فيقتضي هذا منع المسلم البائع من إمضاء البيع في عبده، الذي أسلم، من النّصراني الذي اشتراه، لكون هذا كابتداء بيع مسلم من نصرانيّ.

وإن قدّرنا أنّ البيع إذا أمضي فإنّه لم يزل ماضيًا حين العقد، فهذا قد يقال فيه: إنّ له إمضاء البيع ولا يكون كمبتدي بيع عبد مسلم من نصراني، لأن هذا البيع إنّما عقد في حال يجوز فيه العقد. وزمن العقد هو المعتبر على هذه الطريقة لا زمن إمضاء الخيار.

وإذا تقرّر وجوب بيع العبد إذا أسلم على سيده النّصراني وأن الغرض بهذا


(١) من قوله: (على ملك) .... إلى (الإجارة) ساقط من المدنية.

<<  <  ج: ص:  >  >>