وهذا الاختلاف يلتفت فيه، عندي، إلى أصل، كمَا قدّمناه في كتاب الردّ بالعيب، من اختلاف المذهب في كون الردّ بالعيب نقضًا للبيع من أصله، أو كايتداء بيع. حسن القول: أن هذا المشتري المسلم لا يردّه على النّصراني، كما لا يجوز له أن يبيعه منه. وإذا قلنا: إنّ الردّ بالعيب نقض للبيع من أصله، فقد يحسن ها هنا القول بأنّ المشتري يمكّن من ردّه، إذ ليس ردّه كابتداء بيع من النّصراني.
والجواب عن السؤال الخامس أن يقال:
قد ذكرنا أنّه لا يحلّ بيع العبد المسلم من نصرانيّ، لكون الكفر ها هنا كالمنافي لملك المسلم، لكون الملك والاسترقاق نوعًا من أنواع القهر والإذلال. ولهذا فسخنا البيع على أحد قولي مالك ومذهب أكثر أصحابه.
وبعناه عليه على الرّواية الأخرى.
وإذا أسلم عبد لنصرانيّ فإنّه، أيضًا، لا يصح أن يقرّ ملكه عليه لما في ذلك من استعلاء الكفر على الإِسلام وإذلال المسلم. وإذا لم يستقر ملكه عليه وجب بيعه عليه للمسلم. ولا يؤخّر ذلك إلا بحسب الإمكان، وإنّما يبقى النّظر هل يجوز أن يبيعه النّصرانيّ على أنّ الخيار له أيامًا، لكون إثبات الخيار له في البيع يقتضي كون ضمانه منه وخراجه له، فكأن حكم الملك باقٍ عليه. أو يقال: فإن مدّة الخيار ممّا قد يحتاج إليها استقصاء للثّمن والبحث. فهذا مِمّا ينظر فيه.
لكن لو باع النّصرانيّ عبده النّصرانى على الخيار أيّامًا فأسلم العبد، فإنّه إن كان الخيار للمشتري، وهو نصرانى، استعجل في استعلام ما عنده مما له الخيار فيه من ردّ البيع وإمضائه. لأنّا إن لم نستعجل في ذلك، وأمهلناه بقية أيّام الخيار، اقتضى بنا (١) العبد المسلم في حكمه وحكم ملكه وهو لا سبيل إليه.
ولو كان مشتريه مسلمًا فاشتراه بالخيار فأسلم العبد في أيّام الخيار،
(١) في المدنية اقتضاها، وكلاهما غير واضح ولعله: اقتضى بقاءَ.