وانفصل الآخرون عن هذا بأنّ هذا الذي يملك أختين مسلم يجوز له أن يعتصر ما وهب لولده. وهذه النّصرانية لا يجوز لها أن تعتصر العبد الذي وهبته لولدها إذا أسلم، كما لا يجوز لها أن تشتريه. فإذا كانت ممنوعة من اعتصاره لكون الكفر المنافي لاسترقاق المسلم، لم يقدّر أنها مالكة لهذا العبد كما قدّر ذلك فيمن ملك أختين وطئ إحداهما ثم وهبها لولده.
ولو أنّ هذا العبد، لما أسلم، لم يخرجه سيده عن ملكه حتى تعدّى فاستدان عليه دينًا فرهنه فيه، فإن هذا لا يكتفى به في إخراج من ملكه، لكون الرّهن باقيًا على ملك راهنه. وقد ذكرنا أنَّه لا يصحّ أن يبقى المسلم في ملك الكافر. فإذا لم يصحّ هذا وجب بيع العبد على راهنه، لحقّ الله تعالى في ذلك،
وحق العبد. فإذا بيع وجب تسليم الثمن لمن كان في يده رهنًا بدلًا من عين العبد الذي إنما عامل راهنه على أن أخذه ثقة لحقه. إلَاّ أن يدفع الرّاهن رهنًا يكون ثقة بهذا الحقّ فيأخذ الثّمن لأنّ من بيده الرهن إنّما تعلّق حقه بعين الرهن، وقد غلبه الشرع عليها، فجعل ثمنها رهنًا بدلها. فإذا أتى الرّاهن بثقة حقّه أخذ الثمن، وصار ما أتى به بدلًا عن العين التي غلب الشّرع عليها.
ومن الأشياخ من يشير إلى أنّ هذه المعاملة الّتي وقعت على أخذ عين هذا العبد فغلب الشّرع عليه فإن ثمنه ها هنا يعجل للمرتهن عنده لكون راهنه تعدّى في رهنه. فإذا بيع عليه صار كأنه هو الذي باعه ليقضي ثمنه في الدّين.
ومنهم من يشير إلى أن إبقاء الرّواية على ظاهرها وإطلاقها في أنّه إذا أتى برهن ثقة حق من كان العبد بيده رهنًا مُكن من أخذ الثّمن سواءًا وقعت المعاملة على ارتهان عين هذا العبد، أو وقعت المعاملة على أن يأتي برهن ثقة الحق، فأتى بهذا العبد.
ولو أنّ سيّد العبد عقد فيه إجارة، وهو نصراني، من رجل نصراني، فأسلم العبد وقد بقي من الإجارة مدة، فإنّ العقد ينحل، ويؤدّي المستأجر إجارة ما تقدّم من الزمن قبل إسلام العبد، ويفسخ العقد فيما بقي من أمد الإجارة.