للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي ذكره في هذه الرواية يمكن أن يكون بناء على أحد قولي مالك ومن وافقه من أصحابه في أنّ العبد المسلم إذا بيع من نصرانيّ فسخ البيع. وأمّا على الرّواية الأخرى، فإنّه تباع منافعه بقيّة أمد الإجارة على النّصرانيّ الذي استأجره كما يباع عليه إذا اشتراه.

وقد ذكر في المدوّنة أن من له دين على رجل باع الدّين من عدوّ للمديان إن هذا البيع يفسخ ولم يقل: إنّ هذا الدّين يباع على مشتريه الذي هو عدوّ من هو عليه. كما قال في عبد مسلم اشتراه نصراني أو مصحف اشتراه نصرانيّ، فإن ذلك يباع عليه لكون الكافر عدوًّا للمصحف والمسلم.

وقد اعتذر عن هذا بأنّ الدّين يتعذر فيه تعذرًا يلحق فيه ضرر لمن يباع عليه. فلهذا فسخ البيع فيه. والمصحف والعبد لا يتعذر بيعهما. فلهذا قيل: إئهما يباعان ولا يفسخ البيع فيهما.

والجواب عن السؤال السادس أن يقال:

أما أمير المؤمنين فإنّه إذا عاقد مهادنة وصلحًا على المسلمين بينه وبين قوم من الحربيين، فإنّ ذلك العقد يلزم سائر المسلمين في شرق البلاد وغربها، وحيثما كانوا. وما من سواهم من ولاة الأفور الذين ولاهم فإنّهم أيضًا يجوز عقدهم على مقتضى ما أذن لهم فيه أمير المؤمنين.

فإذا ولَّى أحدًا على إقليم معيّن أو بلد معيّن لا ينفد حكمه وعقده إلاّ فيما كان ما عقده لازمًا على ما ولّي عليه دون غيره من البلاد التي لا ولاية له عليها.

وأمّا من ولي بحكم سيفه واقتداره، لا بولاية الإِمام اللاّزمة طاعته، فإنّ هذا له حكم آخر. فإذا أغار قوم من الحربيين على قوم من الكفّار قد عُقِد لهم صلح وهدنة، فإنّه لا يجوز للوالي الذي عقد لهم أن يسبيهم ويملكهم. ولا يجوز ذلك لمن عقد ذلك عليه من المسلمين مِمّن له ولاية عليه وهو من رعيته. وأمّا إن سباهم قوم حربيون وأغاروا عليهم ثم أتوا بهم إلى الوالي الذي هادنهم، فهل يجوز له ولرعيته أن يشتريهم أم لا؟ هذا فيه قولان: المشهور

<<  <  ج: ص:  >  >>