للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حصول اللفظ، وإن نقص من اللفظ بعض ما اشتمل عليه، وتارة طلب المعنى وإن زاد على اللفظ ما يشتمل في اللغة عليه، كإحدى الروايتين في منع أن يبيع مدني لمدني، والمدني لا ينطلق عليه تسمية باد؛ وتارة طلب التسمية خاصة، كما نبهناك عليه. وهذا هو سرّ هذه الروايات عندي، ومحصولها من ناحية الفقه ومن ناحية الأصول.

وإذا تقرر منع بيع حاضر لباد فإن مالكا قال: ولا يشار على البادي فأجرى مشورة الحاضر على البادي مجرى بيعه له لأن المشورة عليه تقوم له مقام السمسرة له والنيابة عنه في البيع. وقد كره أيضًا أن يخبر الحضري البادي بالأسعار. وهذا المعنى الذي ذكرناه، وإخباره بالسعر كالمشورة، والمشورة كالبيع. قال ابن المواز: هذا في ما أتوا به للبيع.

والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:

قال أبو حامد الإسفرائيني: يمنع بيع الحاضر للبادي بأربعة شروط: أحدها: أن يريد البادي البيع. والثاني: أن يريد البيع قبل أن يخرج. والثالث: أن يكون الحاضر هو السائل له في أن يبيع له. والرابع: أن يكون البلد يضرّ به ألاّ تباع تلك السلعة التي أتى بها البادي فيه. والشروط الثلاثة المتقدمة إذا فقدت لم يمنع البيع. وأما الشرط الرابع: أن يكون البلد يضرّ به ألاّ تباع تلك السلعة فيه، فإنه إن كان البلد بعكس ذلك، ففيه وجهان: المنع لعموم الحديث، والجواز لفقد الضرر، وهو المراد في الشرع والمعتبر، وهو الذي أشار إليه في الشرط الرابع. وهو نوع مما أشرنا إليه في تخصيص العموم بتعليل استنبط منه؛ أو المنع من ذلك لأنه كفرع يعود بإبطال أصله. فهو ها هنا مشاهد لنا في ما كشفناه لك من سر المذهب في تخصيص اللفظ بتعليل استنبط منه، أو إجرائه على عمومه.

وأما اشتراط كون السمسار هو السائل للبدوي في البيع، فإن هذا يبعد

<<  <  ج: ص:  >  >>