للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقتضى العوائد، لأن الذي يعطي ثمنًا إن شرط أنه إنما يلتزم الشراء به في الحال قبل أن يفارقه البائع، فإنه لا يختلف في أن البيع لا يلزمه، لا في بيع المساومة ولا في بيع المزايدة. وإن شرط أن البائع يُلزمه، ويكون الخيار للبائع بأن يعرضها على غيره أمرًا معلومًا أو في حكم المعلوم، فإنه لا يختلف أيضًا في أن البيع يلزم المشتري إذا عاد إليه البائع.

فإذا تقرر أن لا يختلف في القسمين مع التصريح بهما، فإنهما إذا افترقا مع إطلاق اللفظ من غير تقييد شرط الاختلاف المفهوم عن المتساومين في حكم العوائد، هل افترقا على التزام المشتري أو غير التزامه؟.

وإلى هذا أشار ابن حبيب، لأنه ذكر أن هذا إنما لزم في بيع المزايدة بعد الافتراق لأجل أن المشتري إنما فارقه البائع على كونه استوجب المبيع.

وإنما نبهت على هذا لأنه ألزم بعض القضاة أهل السوق في أسواق البلد في بيع المزايدة الثمن الذي يُعطَونه بعد مفارقة البائع لهم ثم يعود إليهم. فكانت عادتهم أنهم إذا افترقوا من البائع افترقوا على غير إيجاب منه ولا منهم، اغترارًا بظاهر ما حكاه ابن حبيب وحكاه غيره. فنهيته عن هذا ورددته عن إلزامهم البيع لأجل مقتضى عوائدهم. ونبهته على ما أشار إليه ابن حبيب من التعليل الذي بسطناه ها هنا. وقد تكلمنا على حكم بيع المزايدة في كتاب المرابحة، وقسمنا البيع على ثلاثة أقسام بما يغني عن إعادتها هنا.

والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:

إذا تقرر منع السوم مع ركون البائع إلى السائم الأول، فإنه لا يفترق حكم السائم الأول في أن يكون مسلمًا أو ذميًا. إلى هذا ذهب بعض فقهاء الأمصار. وذهب الأوزاعي إلى أنه يجوز ذلك إذا كان السائم الأول ذميًا. وقصر النهي على كون السائم الأول مسلمًا اغترارًا منه بقوله في الحديث "لا بسم أحدكم على سوم أخيه" فالمراد أُخوة الدين. واليهودي والنصراني ليسا بأخوين للمسلم في الدين. ولم ير الفقهاء أن المراد بذكر الأخ ها هنا اشتراط الدين، وإنما هو تنبيه على تأكد قبح الضرر بين أخوين، كما يقبح ذلك بييت أخوين في

<<  <  ج: ص:  >  >>