للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النسب، فذكر ها هنا تهجينًا لهذا الفعل وتقبيحًا له، وقد تقرّر في الشرع أن الحكم بين ذمي ومسلم كالحكم بين مسلميْن. وتقرر أيضًا في الشرع المنع من ضرر المسلم للذمي.

والجواب عن السؤال الثالث أن يقال:

إذا وضح أحكام دخول سوم على سوم مع حصول التراكن، فإن وقع البيع على هذا من السائم الثاني فقال مالك: يستغفر الله هذا السائم الثاني ويعرضها على السائم الأول، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك. وإلى هذا أشار ابن القاسم فقال: إن البيع لا يفسخ ويؤدب فاعل هذا. وقال غيره: يفسخ. فإن قلنا بأن لا يفسخ العقد وأمرنا المشتري أن يعرضها على السائم الأول، وكان قد أنفق فيها نفقة، فإن كانت النفقة زادت فيها عرضها على الأول بالثمن الذي بذل فيها، وبما أنفق فيها. وإن نقصتها النفقة عرضها بالثمن الأول خاصة. والخلاف الذي ذكرناه ها هنا في فسخ هذا البيع قد تقدم توجيهه في التلقي وبيع حاضر لباد.

قال القاضي رضي الله عنه: ومنه بيع النجَش. وهو أن يزيد التاجر في ثمن السلعة ليغر غيره لا لحاجة منه إليها.

قال الشيخ رضي الله عنه: قد تقدم كلامنا على النجش فيما سلف، وأشرنا إليه ها هنا لكونه مما اشتمل عليه وعلى غيره حديث واحد، تكلمنا على جميع فصوله لكون المعنى فيها واحدًا كما نبهنا عليه. فقال أهل اللغة: النجش الإثارة، ومنه سمي الصائد ناجشًا لكونه يثير الصيد بما يفعله من التحيل على إثارته ليحصل في يديه، فكذلك الناجش هو الذي يزيد في سلعة ليقتدي به غيره، فكأنه يثير رغبة رجل في شرائها بالزيادة فيها. وهذا قد تقدم ذكر الخلاف في فسخ هذا البيع إذا وقع، وأن المشهور في المذهب أنه لا يفسخ، لكونه كالتدليس، كبيع التصرية. وحكى القزويني عن مالك أن البيع مفسوخ للنهي الوارد عن النجش، والنهي يدل على فساد المنهي عنه .. وهكذا قال ابن الجهم: إن الشافعي قال: إنه عاص والبيع نافذ. ورد عليه أيضًا يكون النهي يدل على فساد المنهي عنه لقوله عليه السلام: (من أحدث في ديننا ما ليس منه فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>