عوضًا عن ذلك. فإن سلمت المعاوضة من الفساد أجزتها، وإن لم تسلم منه فمن وجوه الفساد فيها الصّلح عن هذا العيب قبل أن تعرف قيمته. فقد منع في المدوّنة أن يصالح على ذلك إلاّ بعد المعرفة بقيمة العيب، على مقتضى ظاهر كلامه، وساوى بين كون الصّلح يقع في هذا بدنانير أو دراهم أو عروض.
وذكر أصبغ أنّ بعض أهل العلم أجاز ذلك قبل المعرفة بقيمة العيب.
وفي الموّازيّة جواز الصّلح عن ذلك بدراهم وإن لم يعرف قيمة العيب والثمن دنانير.
ومقتضى هذا، فيما أشار إليه بعض الأشياخ، جواز ذلك في جميع الأنواع التّي يصالح بها على الجملة، كما حكاه أصبغ عن بعض أهل العلم.
وقد أشار بعض المتأخّرين إلى أنّ الصّلح عن هذا العيب على دنانير من سكة الثّمن ينبغي ألّا يمنع إذا علم على الجملة أنّه دون ما يجب للمشتري من قيمة العيب أو أكثر. وإنّما يمنع إذا شكّ في مقدار ما وقع به الصّلح، هل هو مقدار الواجب، أو تحاكما (١) في قيمة العيب، أم لا؟ وقد قال أصبغ: لو كان المشتري لم ينقد الثّمن ومات العبد، فإنّه يجوز التّراضي على حطيطة بعض الثّمن بحسب ما يتّفقان عليه قبل أن يعرفا قيمة العيب. وهذا لا يتّضح فرق بينه وبين المنع كذلك إذا انتقد. لأن الأمر في كلا الوجهين يقتضي أخذ معلوم عن مجهول. لكن يمكن أن يكون أصبغ أشار إلى كون هذا الّذي يطرح من الثّمن يعلم على الجملة أنّه أكثر من قيمة العيب أو أقلّ، فيكون النّقص البيّن والزّيادة البثنة هبة لا معاوضة عن أمر مجهول مقداره.
وكذلك لو كان الصّلح على دراهم، إذا قلنا: إن الدّراهم والدّنانير مِمّا تختلف الأغراض فيهما كما تختلف الأغراض بين الدّنانير والعروض.