ولو وقع الصّلح ها هنا على عرض يُنقد بعد المعرفة بقيمة العيب، لجاز ذلك. ولو كان يؤجّل، لمنع ذلك، لكونه فسخ دين، وهو قيمة العيب التّي هي دنانير، في عرض إلى أجل.
وكذلك لو وقع الصّلح على دنانير مؤخّرة، لمنع من ذلك أيضًا إذا كانت أكثر من قيمة العيب. لأنّه يكون المشتري إنّما أخّر البائع بما يجب له أن يستردّ منه من قيمة العيب لأجل ما زاده على القيمة، وهذا سلف بزيادة.
وقد أشار بعض المتأخّرين إلى إلزام من قال بجواز الصّلح عن العيب، وقد فات العبد قبل المعرفة بقيمة العيب، أن يجيز هذا لكونه يرى أنّ ما أخذه إنّما هو عوض عن الجزء الذي بقي عند البائع. فكأنّها معاوضة عن عين ذلك الجزء قبل المعرفة بقيمته، وذلك لا يمنع، كما لا يمنع شراء العبد قبل المعرفة بقيمته.
وهذا أمر لا يفيد، لأنّ المحصول في هذا أنّ الجزء الّذي بقي عند البائع قد أخذ عوضه، وحقُّه ألاّ يأخذه، فوجب للمشتري أن يستردّه منه. ولا يمكن أن يقال: إنّه يشتريه الآن منه بعد أن فات العبد، فلا يتصوّر ها هنا ما تخيّله هذا من كون ما يؤخذ ها هنا من العروض إنّما هو بيع للجزء الّذي بقي عند البائع.
لكن قد يقال: إنّ من أجاز الصّلح، قبل المعرفة بقيمة العيب، يرى أنّ قيمة العيب أمر لم يدخلا عليه. والشّرع ردّهما إليه مع كونه مجهولًا، وهي جهالة لا يقدران على رفعها حين ابتداء الطّلب، فسومح بالمعاوضة عنها، مع كوز الصّلح في هذا لا يقع إلاّ على ما هو أقلّ من القيمة بالمقدار البيّن.
وقد ذكر في المدوّنة من فروع هذا الباب مسألة من باع طوقًا ذهبًا بألف درهم، ثمّ اطّلع على عيب، فصالح البائعَ عن العيب على ألاّ يردّ الطوق عليه، فإنّه إن صالح على دراهم يأخذها عن البائع من سكّة الثّمن جاز ذلك، ويقدّر لمّا ردّ بعض الثّمن أنّ المبيع وقع بما بقي من الثّمن، لم يردّ. ولو صالح على دراهم من غير سكّة التقن لمنع ذلك، لكؤنه يقدّر فيه أنّ البائع باع طوق ذهب