اشتراط النّقد فيه، ويكون ضمانه من مشتريه، فإنّه يحكم فيه بحكم التّركة كلّها حاضرة. وأمّا إن كان بعيد الغيبة، والغائب من التّركة هو أكثرها، فإنّ هذا العرض الّذي وقع به الصّلح يوقف جميعه حتّى يصير الغائب في حكم المقبوض. فأمّا وقف ما قابل الغائب منه، فإنّ ذلك يتّضح، لكون الغائب البعيد الغيبة لا يجوز شرط النّقد فيه، على ما تقدّم بيانه في كتاب بيع الغائب، وأمّا ما ينوب من التركة فإنّه يمنع أيضًا من اشتراط نقده لجواز أن يهلك ما غاب من التّركة، وهو جلّها، فيقتضي ذلك حل العقد في الأقل، لكون استحقاق جل الصفقة يمنع من إلزام المشتري أقلّها. وأمّا إن كان ما غاب من التّركة هو الأقلّ منها، فإنّ الذي ينوب الحاضر منها من العروض الّذي دفع للمرأة يستحقّ قبضه. ويختلف فيما ينوب من هذا العرض الأقلّ الّذي غاب من التركة. فمن ذهب إلى أنّه إذا استحقّ الأقلّ من الصّفقة، لم يرجع في عين العرض الّذي اشترته به، وإنّما يرجع في قيمته، جاز نقد جميع العرض، ولم يصحّ ها هنا اشتراط وقف هذا المقدار من العرض الذي يقابل الأقلّ الّذي غاب، لأن العرض المعيّن إذا عُقِد البيع به، وتسليمه لمشتريه يجوز ولا يمنع منه الشرع، فإن اشتراط إيقافه أجلًا بعيدًا لا يجوز. وإنما يصحّ البيع للسلع الغائبة بعروض حاضرة يجب وقفها, لأجل أنّ المتعاقدين لا يجوز لهما اشتراط النّقد، فصار كالمغلوبين شرعًا على التأجيل فيه.
ولو كان في التّركة ديون ومن عليه الدّيون حاضر مقرّ، فإنّه يجوز للورثة أن يدفعوا للمرأة قدر ميراثها من الدّيون، سلفًا منهم لها, ليرجعوا بذلك عليها إذا تعذّر عليهم القبض من الغرماء. وأقا إن دفعوا ذلك إليها على جهة الحوَالة منها لهم، فإن ابن القاسم يمنع من ذلك، لكونه يرى الحوالة بيعًا، فيحصل من ذلك بيع دين بدين. وأشهب وسحنون يجيزان الحوَالة في هذا إذا لم يقصد دافع/الدّنانير منفعة نفسه.
ولو كانت الدّيون طعامًا من قرض أو من بيع، لجرى الأمر فيها مجرى ما ذكرناه من الدّيون إذا كانت دنانير.