وأمّا لو كانت الدّيون طعامًا من سلم، لم يجز للورثة فيه دفع شيء من الأعواض عنه إلاّ أن يكون ذلك على جهة التّولية.
وهذا كلّه تعرف أحكامه من مواضعه التّي سلف ذكرها؟ فيما تقدّم من كتاب البيوع.
والجواب عن السؤال الخامس أن يقال:
ذكر في المدوّنة فيمن ادّعى على رجل بمائة درهم فأنكرها المدّعى عليه، ثمّ صالح المدّعي على خمسين درهمًا منها إلى أجل، أنّ ذلك جائز. وفي الموّازيّة أنّ ذلك لا يجوز.
وقد اشترط مالك في المدوّنة في جواز هذا التأجيل كون المدعى عليه مقزًا. وهذا قد يشير إلى أنّه يمنعه إذا كان منكرًا.
وسبب هذا الاختلاف ما كنّا قدّمناه في صدر هذا الكتاب من الالتفات إلى مقتضى الصّلح على قول المدّعي والمدّعى عليه. وقد علم أنّ الصّلح إذا كان لا فساد فيه على قول المدّعي والمدّعى عليه، فإنّه لا وجه للمنع منه. وهذا يتصوّر في الصّلح على الإقرار وفي بعض مسائل الصّلح على الإنكار.
وإن كان لا يجوز على مقتضى قول المدّعي والمدّعى عليه، فإنّهما يمنعان منه، وإن وقع ذلك، فسخ عليهما. مثل أن يدّعي رجل أن له عنده عشرة أرادب قمحًا سلمًا. ويقول الآخر: بل هي تمر. فيصطلحان على عشرة أرادب من شعير أو فول مؤجّلة، فإنّ ذلك صلح فاسد على قول المدعي أنه أسلف في قمح، لكونه باع طعامًا قبل قبضه وفسخ دينًا في دين، وهو أيضًا فاسد على قول المدّعى عليه؛ لأنّه أعطى في تمر حالّ عليه شعيرًا إلى أجل. فقد فسخ الدين في الدّين أيضًا. فهذا لا يجوز ويفسخ عليهما.
ولا يسلّم فيه كون أصبغ يجيزه لمّا قال: إنّ الصّلح على الحرام لا يفسخ، كما تقدّم ذكرنا ذلك عنه وذكر ما احتجّ به. لأنّه قد يريد صلحًا حرامًا على