يخرج معه للاقتضاء. فأمّا إذا كان أعلم شريكه بذلك وأذن له في الاقتضاء دونه ورضي له بأن ينفرد بما اقتضاه من حقّه، فإنّ ذلك يمنع هذا الشّريك الّذي لم يقتض من الدّخول على شريكه فيما اقتضاه ومشاركته فيه، ولو افتقر الغريم أو فلس. لأنّ ذلك إذا كان عن إذن الشّريك كالمقاسمة بين هذين الشّريكين.
والحقّ الشّائع إذا تقاسم فيه الشّريكان وتميّز لكل واحد منهما نصيبه، [تصرّف فيه كيف شاء، ولم](١) يكن لشريكه حقّ في التّحجير عليه، أو مشاركته في التصرّف.
فكذلك الدّين ها هنا إذا أذن الشّريك لشريكه في الاقتضاء دونه، يقدر ذلك كأنّ ذمّة الغريم كانت شائعة بينهما، فليس لأحدهما أن ينفرد بأمر متميّز فيما حقّهما فيه على الشّياع، إلاّ أن يقتسماه. والإذن ها هنا كالاقتسام كما بيناه.
وكذلك إذا لم يأذن الشّريك لما أعلمه شريكه واستأذنه، فرفع إلى السلطان، فقضى السلطان بالإذن في الاقتضاء لهذا الذي رفع إليه لما أَلدَّ شريكه وامتنع عليه، فإن ذلك كحكم القاضي بالمقاسمة أيضًا.
وإن اقتصر على إعلام شريكه، ولم يساعده على الخروج معه للاقتضاء، وأشهد عليه بذلك، فظاهر المدوّنة أنّ ذلك كالمقاسمة أيضًا. وينفرد هذا المقتضي بما اقتضاه ولا يدخل فيه معه شريكه.
لكن أشار بعض الحذّاق من الأشياخ إلى حمل هذه الرواية على أنّه أراد بقوله: فلم يساعده على أن يخرج معه. أنّه رضي له بأن ينفرد بالاقتضاء. وهذا التأويل لا يشكّ في صحّة الجواب إذا كان هو المراد بالرّواية.
وقد وقع لابن القاسم في هذا أنه إذا استأذنه وأشهد عليه، فلم يخرج، أنّه رضي منه بأن ينفرد بالاقتضاء. وأنّه أيضًا لو رفع الأمر إلى السلطان، لأذن له في الانفراد بالاقتضاء.
وهذا الّذي قاله من تقرير امتناعه من الخروج مع شريكه رضي منه بأن ينفرد شريكه بالاقتضاء شهادة بمقتضى عادة. وقد لا تسلم هذه الشّهادة بالعادة.
(١) هكذا في النسختين ولعل الصواب: وتصرف به كيف شاء، لم يكن.