للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخذ منه وهو ربع العرض. ولا يردّ إليه ما قابل الرّبع الآخر من الدّين الّذي عجز عن أدائه الغريم. فهذه الطّريقة لا تتضمّن كون الشريك الذي لم يصالح يجيز الفعل لشريكه وما يقتضيه فعله ويتضمّنه حتّى يعودا شريكين في الباقي في الذّمّة الّذي هو ثمن لما صالح به. وإنّما يجيز من هذه المبايعة ما أخذ خاصّة دون ما أعطى عوضًا عمّا أخذ. ولا يجري ما أخذه هذا الشريك من شريكه مجرى القرض لهذا العرض، فإن من أقرض ثوبًا، فإنّما يردّ مثله. ومن استهلكه تعدّيًا أو عن بيع فاسد، فإنّما يغرم قيمته. وهذا أوجبته الأحكام، فلا يكون كالعرض الّذي يدخلان فيه باختيارهما جميعًا، ولهذا تلزمه غرامة القيمة ولو كان عين الثّوب الّذي وقع الصّلح به باقيًا لم يتغيّر، والقرض له أن يردّه بعينه على من أقرضه له إذا لم يتغيّر.

ومقتضى هذا الّذي أشرنا إليه أنّ الصّلح عن الدّين إذا وقع بمكيل أو موزون، فإنّه يردّ قيمته أيضًا. وإلى هذا ذهب بعض حذّاق الأشياخ، لكون هذا أمرًا أوجبته الأحكام لرفع الضّرر. فلو قضِي في المكيل والموزون بمثله ها هنا لأوشك ألاّ يرتفع الضّرر عن هذا الّذي لم يصالح، بأن تغلو أسعار الطّعام الّذي أخذ مِمّا وقع به الصّلح. فيكلّف أن يشتري مثله فيشتريه بأضعاف ثمنه يوم أخذه، فيكون ذلك أشدّ إضرارًا به عمّا دخل عليه من وهن الذمة بما أخذه شريكه. وقد يرخُص الطّعام أيضًا، فإذا أخذ الشّريك المصالح مثل الطعام الّذي أخذ منه وصالح به وقت كونه غاليًا، وهو حين يغرمه شريكه له لا قيمة له، لحِقَه الضّرر البيّن، وأصل المشاركة إنّما قضى بها للعدل بين الشريكين حتّى يرتفع الضّرر عن أحدهما.

ومن الأشياخ من ذهب إلى أنّ الصّلح إذا وقع عن الدّين بمكيل أو موزون فأخذ الشّريك الّذي لم يصالح نصفه، فإنّه إذا قبض دينه ردّ مثل الّذي قبض كيلًا أو وزنًا لا قيمة، كما يردّ من استهلك طعامًا مثله لا قيمته.

وقد أشرنا إلى المعنى الّذي يمنع قياسه على الاستهلاك، وهو أنّ

<<  <  ج: ص:  >  >>