للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المشاركة إنَّما وجبت للعدل بين الشّريكين في رفع الضّرر عن أحدهما، وهذا المعنى لا يتصوّر في مسألة الاستهلاك للمكيل والموزون.

فإن قيل: إذا كان وجوب الرّدّ على هذا الشّريك الّذي لم يصالح بقيمة ما أخذ معلّقًا بأن يأخذ دينه من الغريم فيرذ قيمة ما أخذ من شريكه المصالح، فإن لم يأخذ من دينه شيئًا، فلا يردّ على شريكه شيئًا من عوض ما أخذ منه. فقد يقدّر أنّ الشّريك المصالح لمّا كان وجوب حقّه في الرّدّ عليه معلَقًا بأن يأخذ شريكه دينه من الغريم يكون أحقّ بما في يد شريكه إذا فلس وقد أخذ دينه من الغريم، أو يحاصّ الشّريك المصالح بما وجب له على شريكه من العوض عمّا أخذ منه غرمًا للشريك الذي لم يصالح، لكون هذا الدّين في ذمّة الشّريك المصالح ووجوب قيمة نصف العرض الذي أخذ من شريكه المصالح دينًا في ذمّته، وتعليق هذا الدّين بشرط أخذه من غزيمه لا يخرجه عن كونه دينًا متعلّقًا بالذّمّة تجب المحاضة به كما تجب المحاضّة بسائر الدّيون. قيل: هذا مِمّا تردّد فيه بعض حذّاق الأشياخ ومالي إلى وجوب المحاصّة بهذه القيمة الّتي وجبت للشّريك على شريكه. وهذا تبسط أصوله إن شاء الله في كتاب المديان والتّفليس، ونذكر هناك ما يلاحظ هذا أيضًا مِمّا اختلف فيه الأشياخ وكثرت مناظرة بعضهم لبعض فيه، وهو المفلس إذا ثبت عليه كراء دار لم يسكنها بعد، فهل يحاص صاحب الدّار غرماء المكتري بالكراء ويقدّر دينًا حالًا كما تحلّ آجال الدّيون إذا وقع التّفليس، ولا يلتفت إلى ما يمكن أن يطرأ من هدم الدّار فيسقط الكراء، فتصير المحاصّة بأمر غير ثابت؟ أو يكون ما يترقب من هدم الدّار لا يلتفت إليه لأنّا نستصحب وجوب الكراء وسلامة الدّار، واستصحاب ذلك يلحقه بالدّيون الثّابتة الّتي لم تعلق بشرط.

فإذا وضح هذا كلّه، فإنّ الإشتراك في سائر الدّيون يوجب دخول أحد الشّريكين على صاحبه على تفصيل ما قدّمناه. ولو كانت الدّيون وجبت عن وراثة، والوراثة لم يرض الورثة بالشّركة فيها, ولا دخلوا على ذلك، حتى يقدر أن أحدهم إذا اقتضى بعض الدّين المورود فقد أوهن ذمّة دخل الشريكان فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>