للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالولاء بحكم الشّرع لا على أنّ الميت مَلكَه وتركه موروثًا عنه، لأنّ العتيق لا يملك سيّدُه ما اكتسبه بعد عتقه ولو كان العتيق حيًّا، فكيف به إذا مات والدّيّة وجبت على القاتل المُذهِب للحياة؟ فصارت الدّيّة كأنها تركة للميّت كانت له في حياته، مع كون القتل أتلف ذمته، وأحل مكسبه للغرماء ما يقتضي منه ديونه.

ولا مطالبة للوليّ، الّذي أخذت من يده المائة من نصيبه الّذي قبضه من الدّيّة، على القاتل بشيء. ولا يقدّر في هذا أنّ الدّم لمّا انتقل إلى حكم الخطإ في حقّ الّذي لم يعف، انتقل أيضًا في حقّ العافي, فيصير كأنه وجبت له خمسمائة دينار فأسقطها عن القاتل فوهبها. فيقول الآخذ للخمسمائة: إنّما عليّ من مائة الدّين خمسون وعلى العافي خمسون فوهبها، وهبته لا يلزمني أن أقوم بها عنه. لأنّ هذا التّقدير إنما يصحّ لو عفيا (١) جميعًا على أن يأخذ كل واحد منهما نصيبه من الدّيّة. فلمّا وجب ذلك لكلّ واحد من الولدين على القاتل وهب نصيبه للقاتل.

والعفو ها هنا لمّا وقع على غير شيء، وهذا العفو هو الّذي صيّر الدّم كالخطإ، لم يستقرّ فيه كون ثبوت الدّيّة المعلّقة بالعفو سابقًا لاستحقاقه أيضًا هو نصيبه من الدّيّة على القاتل.

ولو ترك هذا القتيل مائة دينار لم يختصّ الدّين بها، بل يؤخذ منها وممّا أخذه الذي لم يعف عن الدّم بالحصص، فيُقضَى من المائة، الّتي ترك الميّت، سدسُها في الدّين، ويؤخذ خمسة أسداس الدّين من الخمسمائة الّتي أخذها الّذي لم يعف، ثمّ يعود الّذي عما فيشارك أخاه في خمسة أسداس المائة، الّتي ترك أبوهما، فيقسمانها نصفين على فرض الله سبحانه.

ولو كان أبوهما ترك مدبّرًا ولم يترك هذه المائة دينار ولا غيرها، فإنّ عتق المدبّر يكون أيضًا غير مختصّ بما أخذ في الدّيّة، بل يفرض في العتق على المدبر سدسه، وعلى قابض الخمسمائة خمسة أسداسها على مذهب عبد الملك الّذي يرى أن المدبر يعتق فيما علم به الميّت من ماله وفيما لم يعلم


(١) هكذا في النسختين، والصواب: عَفَوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>