للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

به. فالمدبّر مِمّا علم به الميّت وما أخذ في الدّيّة مِمّا لم يعلم به. فيعتق المدبر بالحصص في هذين المالين بخمسة أسداسه يعتق في الخمسمائة دينار للّذي لم يعف. وأمّا على مذهب ابن القاسم الّذي يرى أنّه يبدَّأ في عتق المدبر بثلث المال الذي علم به. فإن قَصُر ذلك عن عتق المدبر، أكمل عتقه في ثلث المال الّذي لم يعلم به أيضًا. فيبدأ بعتق ثلث المدبر لأنّه هو المال الّذي علم به، ويبقى ثلثاه، فينوب ذلك المال الّذي لم يعلم به. فإذا قدّرنا أن قيمة المدبر مائة دينار، وقد أخذ أحد الوليين خمس مائة دينار فتضاف إليها قيمة ثلثي المدبر وذلك سبع وستون دينارًا غير ثلث، فيقسط جميع المال أثلاثًا فتكون الخمسمائة خمسة عشر ثلثًا وثلثا المدبر يضاف إلى الخمسة عشر، فيكون جميع المال المتروك سبعة عشر ثلثًا كلّ جزء منها ثلاثة وثلاثون وثلث، فيكمل عتق المدبر.

ويرث الّذي لم يعف ثلث المائة وهو ثلاثة وثلاثون وثلث. ويكون بقيّة المال للذي لم يعف.

ولو ترك مع المدبر مائة دينار، لعتق على مذهب ابن القاسم ثلثا المدبر، لأنّه ثلث المال الّذي علم به وهو المدبر وقيمته مائة، والمائة الّتي تركها، فثلث المائتين ثلثا المدبر. ويرث الّذي عما ثلث المائة على أصل ابن القاسم.

ولو عفا الجريح في مرضه عن هذا الجرح، فإنّ عفوه ماض، وإن لم يترك مالًا، ولا مقال في ذلك لورثته، ولا لغرمائه إن كان عليه دين. وهذا واضح على أصل ابن القاسم الّذي يرى أن ليس لأوليائه إجبار القاتل على الدّيّة. وإنّما يثبت له إذا رضي هو ورَضُوا هم، فعفْوُ الجريح لا يتصوّر فيه إتلاف مال استقرّ لهم، فأتلفه عليهم بالعفو، فيكون ذلك في ثلثه. وإنّما ينظر في هذا على أصل أشهب الذاهب إلى أنّ لأولياء القتيل إجبار القاتل على الدّيّة. فقد صاروا كالقادرين على ملك الدّيّة، فمنعهم من ورثوه من تملّكها، فصار كمتلف مال عليهم. لكن أشهب نصّ ها هنا على أنّ عفوه جائز، على حسب ما ذهب إليه ابن القاسم، وقدّر أنّ قدرتهم على تملّك هذا المال لا يصيّره ملكًا لهم، فيكون متلفًا لذلك عليهم. لكنّه لم يطرد هذا الأصل في القاتل إذا كان عبدًا وقد قتل

<<  <  ج: ص:  >  >>