للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنّ الشّفعة تكون بقيمته. والحكم في جزء له كالحكم في جميعه. كما لو باعه بعشرين دينارًا، فإنّ العشرين تقسم عليه، فيكون ثمن كلّ نصف منه عشرة دنانير. وهذا يقتضي ما قاله ابن القاسم. وإن قلنا: إن الدّم ليس من الحقوق الماليّة المحضة، فلا يكون في نفسه ثمنًا للشّقص، وإنّما ثمن الشّقص أعواضه.

وأعواض موضِحة الخطإ خمسون دينارًا. وموضِحة العمد عوضها قيمة الشقص. فقد صار الثّمن في هذا الشّقص خمسين دينار أو قيمته في نفسه. ولمّا لم يكن في نفسه ثمنًا مكيلًا ولا موزونًا، صرفت الشّفعة إلى قيمته، كما تصرف لو كان ثمنه عبدًا، فإن الشّفعة بقيمة العبد لمّا لم يكن العبد مكيلًا أو موزونًا.

فإذا انصرفت الشّفعة إلى ثمن الموضحتين لا إلى أنفسهما. وثمنهما خمسون دينارًا في انفراد موضِحة الخطإ، وقيمة الشّقص في انفراد موضِحة العمد، وجب أن تكون الشّفعة بذلك على جهة الفضّ على هذين الثّمنين. وإذا فضّ ذلك عليهما وكانت قيمة الشّقص مائة دينار، وقيمة موضِحة الخطإ خمسون دينارًا، فقد صار مدفوعًا عن مائة وخمسين دينارًا. فالّذي يقابل المائة دينار ثلثا الشّقص، فتكون الشفعة بقيمة ثلثيه، وذلك ستّة وستّون دينارأوثلثا دينار.

والّذي يقابل موضِحة الخطإ ثلث هذا الشّقص. وثمن هذا الثّلث معلوم. فتكون الشّفعة به. وهذا مثاله ما قيل في أنّ من أوصى لرجل بمائة دينار، ولآخر بمجهول، مقداره يأتي على المال، فإنّ المحاصّة لمّا كانت الوصية بمعلوم ومجهول تقع بالمائة دينار وبالثّلث. فتضرب في الثّلث الّذي تجمع فيه الوصايا بنفسه وبالمعلوم فتكون المحاصّة فيه في نفسه بنسبته إلى المعلوم لمّا امتنع الضّرب بالمجهول، عاد الأمر إلى ما يستحقه هذا المجهول وهو الثّلث. وإن قلنا: إنّ موضِحة الخطإ وإن كان معلومًا ثمنها في الشّرع، فإنّها في هذه المسألة يصير ثمنها غير معلوم، لكون الشّقص ثمنًا لموضِحة الخطإ وديّتها، وثمنا لموضحة العمد وثمنها القيمة المجهولة، فلا يدري ما يقابل موضِحة العمد.

وذلك يسري إلى أنّه لا يدري أيضًا ما يقابل موضِحة الخطإ، فكأنه دفع عن مجهولين، فتكون الشّفعة بقيمته الّتي هي عوض عن جميعه. وجميعه مدفوع

<<  <  ج: ص:  >  >>