للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العمد، فنجده قد حصل لموضِحة الخطإ ثلث هذا الشّقص، [لكون خمسين دينارًا من جملة، هي مائة وخمسون، الثّلث، فاقتضى هذا كونَ هذا الشقص] (١) دفع ثلثُه عن موضِحة الخطإ، وثمنها في الشرع معلوم. فصار دافعه كأنه باع ثلثه بخمسين دينارًا، والباقي بعد ذلك لموضِحة العمد، وذلك ثلثا الشّقص.

ومن صالح عن موضِحة عمد بشقص، فإنّ الشّفعة تكون بقيمة الشقص. فكذلك إذا صالح ببعض الشقص عن موضّحة العمد، فإنّ الشّفعة تكون بقيمة ما صالح به عن موضّحة العمد، وهو ثلثا هذا الشقص. وذكر في غير المدوّنة أنّ ابن نافع ذهب إلى أنّ الشّفعة تكون بقيمة الشّقص ما لم تنقص قيمته عن خمسين دينارًا الّتي هي ديّة موضِحة الخطإ. فإن نقصت قيمة الشّقص عن الخمسين دينارًا، فإنّ الشّفيع لا يأخذ الشّقص إلاّ بالخمسين دينارًا. وهذا المذهب الثّالث الّذي اذهب إليه ابن نافع هو اختيار الحذّاق من أتباع أصحاب مالك كابن الموّاز وابن حبيب وسحنون، حتّى أغلى في تصحيح هذا المذهب سحنون، فقال: الصّواب مذهب ابن نافع، وما سواه فليس بشيء. وتبع هؤلاء على هذا الاختيار يبيح بن عمر.

وأشار بعض أشياخي وبعض أشياخهم إلى مذهب رابع في هذه المسألة.

وهو كون الشّفعة ها هنا تجب بالخمسين دينارًا. وما يشبه أن يكون قيمة لموضِحة العمد.

والنّكتة الّتي ينصرف إليها هذا الاختلاف أنّك قد علمت أنّ هذا الشّقص لو كان مدفوعًا كلّه عن موضحة الخطإ، لكانت الشّفعة بديّة موضِحة الخطإ، وهي خمسون دينارًا. ولو كان مدفوعًا عن موضِحة العمد، لكانت الشفعة فيه بقيمته. فإذا دفع عنهما جميعًا، وهما متساويان، وجب أن يقسم المدفوع عنهما بينهما نصفين. فيكون نصف الشّقص دفع عن موضِحة الخطإ، فيستشفع هذا النّصف بثمنها، وهو خمسون دينارًا. كما لو دفع جميعه عن موضِحة العمد،


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (و).

<<  <  ج: ص:  >  >>