للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا عندي قد يعتذر عنه بأنّ العرض تختلف الأغراض فيه، ونسبته إلى موضحة العمد كنسبته إلى موضحة الخطإ. فليست إحداهما أحق به من الأخرى. فلهذا أوجب أن يقسم بينهما نصفين. وأمّا الدّنانير فهي من جنس ديّة موضحة الخطإ. فلمّا كانت من جنسها وجب أن يصرف ما دفع من دنانير مع الشّقص إلى كونه قضاء لديّة الخطإ.

لكن أصبغ لم يسلك في العرض إذا دفع مع الشّقص مسلك يحيى بن عمر والشّيخ أبي محمّد بن أبي زيد فيتناقض بما ذكرنا. بل قال: لو دفع الجارح مع الشّقص عبدًا، لاعتبرنا قيمة العبد. فإن بهانت قيمة العبد كقيمة الشقص، فقد دفع العبد عن نصف الموضحتين، ونصفُ موضحة الخطإ خمسة وعشرون دينارًا، وموضحة العمد قد قابلها نصف. الشّقص، فتكون الشّفعة في موضحة العمد بنصف قيمته. ولو كانت قيمة العبد من الشّقص الثّلث، لكان العبد قد قابل ثلث الموضحتين وبقي ثلثا الموضحتين للشّقص، فتكون الشفعة بثلثي ديّة الخطإ وبنصف قيمة الشّقص، لأنّ الشّقص مقسوم بين الموضحتين نصفين. ولو كانت قيمة العبد من الشّقص الرّبع، لكانت الشّفعة في موضحة العمد بقيمة نصف الشّقص لا يتغيّر حسابها، وفي موضحة الخطإ بثلاثة أرباع ديتها.

وذكر في المدوّنة إذا ادّعى وليّ القتيل على القاتل أنّه صالح على مال يبذله له، فإنّ القصاص يسقط لإقرار وليّ الدّم بسقوطه، ولا يقبل دعواه على القاتل أنّه رضي له بمال ويحلف على ذلك.

وذكر أيضًا أنّ القاتل خطأ إذا صالح ظنّا أن الدّيّة تلزم في ماله، فإنّ له نقض الصّلح إذا علم أنّها لا تلزمه. قال بعض الأشياخ: إذا كان مِمّن يجهل ذلك، فلا بد من أن يستظهر عليه باليمين على صحّة عذره. وإن وجد المال الّذي دفع قد أتلفه أولياء الدّم، فإن كان هو المطالب لهم بالصّلح، فإنّه لا يرجع عليهم به، كمن أثاب من صدقة ظنّا أنّها تلزمه. وإن كان هم طالبوه بالصّلح، فإنّهم يغرمون له ما أتلفوه من هذا المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>