للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا الّذي أشار إليه من التّفصيل في الرّجوع بهذا المال نبسطه في موضعه إن شاء الله تعالى.

وقال في المدوّنة ولو أقرّ بالقتل وصالح على الدّيّة تؤخذ من ماله، فإنّه يلزمه الصّلح. ولم يعذره لجهله أنّ ذلك لا يلزمه لأجل الاختلاف في المذهب، هل تكون الدّيّة على المقرّ أو على العاقلة بقسامة فيكون كشاهد لهم على العاقلة إذا كان عدلًا؟ ولم نعذره ها هنا بجهله لمّا صادف فعله واعتقاده أحد الأقوال في مذهب أصحابنا في هذه المسألة. وكأنّه حكم وقع بما اختلف الناس فيه.

هكذا اعتذر بعض الأشياخ عن هذا. ولا يتّضح كون هذا كحكم، لأنّا سنبيّن في كتاب الأقضية ما ينفذ من الأحكام بالمختلف فيه. وعلى أيّ صفة يجب إنفاذ حكم الحاكم إذا حكم بما اختلف النّاس فيه.

والجواب عن السؤال الثّامن أن يقال:

إذا ادّعى رجل على رجل حقًا فأنكر فصالحه، ثمّ ثبت الحقّ بعد الصّلح، فإنّه لا يخلو من أن يكون ثبوته بوجه واضح لا مخاصمة فيه، كإقرار المطلوب بثبوت الحقّ الّذي أنكره أوّلًا. أو يثبت ببيّنة.

فإن ثبت بإقرار المنكر له أوّلًا، فإنّ الصّلح لا يلزم المقرّ له، لأنّه إنّما التزمه كالمجبر عليه والمغلوب على حقّه. فإذا قدر على التخلّص من هذه الغلبة والإجبار بالتوصّل إلى حقّه الّذي منع منه، كان له طلبه. وقال سحنون: وله ألاّ ينقض الصّلح ويتمادى عليه، ولا يطالب المقرّ بحكم إقراره. وهذا صحيح لأنّ نقضه حق له لا حقّ عليه للباري سبحانه ولا لخصمه. فوقف إمضاؤه أو ردّه على اختياره. كمن أكره على بيع سلعته بثمن فإنّه إذا زال عنه الإكراه، كان له ارتجاع سلعته، لكونها خرجت من ملكه بغير اختياره، وله إمضاء البيع فيها، لأنّ المكرِه له عاوضه عنها باختياره، وله أن يلزمه اختيارَه. وليس كونه بالخيار في ردّ هذا الصّلح بالّذي يوجب سقوط ضمان ما أخذ في الصّلح عنه، لأنّه لم

<<  <  ج: ص:  >  >>