للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يسلمه إليه المنكر لحقّه بغير اختياره، بل لو شاء لاستحلفه وقنع بيمينه. فعدوله عن ذلك، وهو الحقّ الّذي أوجبه الشّرع، إلى المعاوضة عنه معاوضة التزماها جميعًا توجب كون الضمان فيها يجري مجرى العقود الصحيحة الّتي لا خيار فيها.

وأمّا إن ثبت الحقّ ببيّنة والمدّعى عليه متماد جحودُه مكذّب للبيّنة، فإنّ ذلك لا يخلو من أن يكون لم يعلم بالبيّنة، أو علم بها فلم يقم بها وهي حاضرة أو غائبة.

فإن كانت البيّنة، الّتي ثبت له بها أصل الحق وصدْقه في دعواه، لم يكن علم بها حين الصّلح، ففي ذلك روايتان. إحداهما: أنّ له القيام بها، وهو الّذي ذكره في المدوّنة. والثّانية أن لا قيام له بها، وهي رواية مطرف عن مالك في كتاب ابن حبيب.

فكأن من أثبت له القيام قدّر أنّه لما صالح جاهلًا بها، فإنه يُعلَم أنّه لو علم بها ما رضي بما رضي بالصّلح، فكأنّه اشترط فيه هذه المعاوضة، أنّ له النّقض للصّلح متى ثبت أصل حقّه. وصار ثبوت حقّه كعيب يطلع عليه في المبيع، فإنّ له القيام به لجهله به حين العقد، ولو كان عالمًا به، لم يكن له قيام.

كما أنّ من لم يصالح على حق ادّعاه فأنكره المدعى عليه فاستحلفه الطّالب، ثمّ وجد بيّنة لم يكن علم بها، فإنّ له القيام بذلك، لأنّ استحلافه كالمشروط فيه أنّه إنّما رضي به لأجل عدم البيّنة، فمتى وجدها لم يسقط حقّه فيما شهدت به.

ومن منعه من القيام بالبيّنة رأى أنّ الصّلح وقع مع تجويزه أن يعثر على بيّنة، فيصير كالملتزم لإسقاطها في عقد هذه المعاوضة. ولهذا قال في الرّواية: لو شاء لتربص، فعجلته إلى المعاوضة مع قدرته على التربّص كالمسقط لحقه في هذه البيّنة. كما يسقط حقه في العيب إذا دخل على علم به. لا سيما أنّ

<<  <  ج: ص:  >  >>