للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له يمنعه من الرجوع على الرسول لاعتقاده أن صاحب الوديعة ظلمه في أن طلبه بالغرامة وأخذها منه، فذلك جائحة عليه لا رجوع له بها على من قبضها منه.

وهذا يلاحظ ما نحن فيه من اعتبار كون المحال إنما صدق المحيل بشرط أن يأتي الغائب فيقر بالدين أو يصدقه على الإطلاق واعتقد أنه لم يكذب، فيكون ذلك جائحة على المحال.

والجواب عن السؤال السادس أن يقال:

إذا باع رجل من رجل سلعة بمائة دينار، ثم أحال البائع رجلًا، له عليه مائة دينار، على مشتري السلعة منه بالمائة دينار، فاستُحقت السلعة من يد المشتري، أو ردّها بعيب حتى انفسخ البيع فيها، فبطل الثمن وسقط عن المشتري، فهل يسقط عن المشتري حق المحال عليه حتى لا يطلبه بشيء، أو يبقى حق المحال ثابتًا على المشتري، في طلبه بوزن الثمن الذي سقط عنه، ويرجع المشتري بما دفع للمحال على البائع الذي هو المحيل عليه؟ في المذهب في هذا عندنا قولان مشهوران:

ذهب ابن القاسم إلى أن الحوالة ثابتة، ولا يسقط حقُّ المحال وطلبُه عن المشتري، وإن كان لم يقبض منه ثمن السلعة التي (١) أحيل به عليه.

وذهب أشهب إلى أن الحوالة قد بطلت ببطلان البيع، ولو كان المحال قد قبض الثمن من المشتري لكان من حق المشتري أن يُرجعه منه، ويَرجع بهذا الذي استرجع منه على البائع الذي كان دينه عليه.

ومذهب أشهب هو اختيار ابن المواز وغيره من الأشياخ المحققين، واعتضدوا في ذلك بأن أصحاب مالك اتفقدا على أن المفلس إذا بيع ربعه وعروضه في دين وجب عليه، وأخذ ثمن ذلك غرماؤه، ثم استُحِق المبيع حتى كان من حق من اشترى مال المفلس أن يطلب ما دفع من الأثمان، أن المشتري


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: الذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>