غرماءَ المحال عليه، ولا يرجع على المحيل، وتكون الحوالة ها هنا كالقبض والاستيفاء من المحيل.
وإن قلنا إن الحوالة ها هنا ليست كالقبض والاستيفاء، وإن الفلس يبطل الهبة في حق هذا المحال، لكونه يحل محل الموهوب له، فإن المحال يرجع على المحيل.
وكان يرى أيضًا أنه لا خلاف في أنه لا يُبدَّأ بالطلب هذا الملتزم المحال عليه.
وهذا الذي أنكر أن يكون فيه خلاف، ظاهر الروايات إثبات الخلاف فيه.
وقد قدمنا لك الخلاف في شرط التبْدِئَة، هل يوفَّى بها أم لا؟ وأن الحوالة على غير دين كالحمالة المطلقة، فيما ذكرناه لك من الروايات. وقد ذكرنا لك عن ابن الماجشون ما ظاهره منع الرجوع على المحيل، قولًا مطلقًا. وذكرنا لك من رواية مطرت ما يقتضي تمكين المحال من الرجوع على المحيل، قولًا مطلقا.
والذي عندي من تحقيق القول في هذا الاضطراب في الروايات، والاختلاف في التأويلات، إن هذا المحال إن أبْرأَ المحيل، براءة مطلقة مؤبّدة، وصل إلى حقه من المحال عليه أو لم يصل، وصرح بذلك، وبأنه لا مرجع له على المحيل على حال، فإنه لا ينبغي أن يُختلف في كونه ممنوعًا من الرجوع
عليه.
وإن قيّد إبراءه له بأن قال: أنا أُبْرِيه ما دمت متمكنًا من الوصول إلى حقي من هذا المحال عليه، فإن تعذّر فأنا باق على حقي على المحيل. فإنه لا ينبغي أيضًا أن يختلف في تمكينه من الرجوع. فإنْ هَجَسَ في النفس أن الحوالة إذا كانت مبايعة فإن المبايعة على هذا الشرط تُمنع، فإنّا قدمنا أنها لم تجر مجرى البيع في سائر أحكامه، وأيضًا فإنها ها هنا ليست عن معاوضة ولا بيع دين بدين، فخرجت عما أشرْنا إليه من هذه المعارضة. ومتى وقع الإبراء مطلقًا ولم
يصرَح بأحد الوجهين، فهاهنا قد يحسن الخلاف في منع المحال من الرجوع