للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسقاط أحدهما للآخر مع إمكان رد بعضها إلى بعض قال بجواز ذلك في المدائن على حسب رواية ابن عمر. ومنع ذلك في الصحاري على مقتضى الحديث الآخر. وخص عموم النهي بحديث ابن عمر. وأكد هذا بضرب من الترجيح وذلك أن م ابن ي من المراحيض في المدائن، يتعذر أن تبنى كلها على قصد واحد مع اختلاف جهاتها. وإذا تعذر ذلك ودعت الضرورة لبناء بعضها مستقبل القبلة أو مستدبرها دعت الضرورة لمسامحة الجالس عليها للحديث أن يقعد على مقتضى وضعها. وهذا المعنى مفقود في الصحاري فأجرى الأمر فيها على مقتضى الحديث. فإن قيل فَمَا لَا يتعذر فيه الانحراف في المدائن كالشوارع والسوق، إذا اجتنب قارعة الطريق فهل يمنع لعدم الضرورة ويلحق بالفلوات، أو يجوز طردًا للباب؟ قيل ظاهر المذهب على قولين: أحدهما الإباحة وهو ظاهر قول القاضي أبي محمَّد في هذا الكتاب بظاهر حديث ابن عمر. ولأن العلة عند بعضهم استقبال المصلين في الفيافي من الملائكة وغيرهم وهذا المعنى مفقدد في المدائن لإحاطة الجدر به. والثاني المنع لأن علة الجواز في المدائن عدم القدرة على الانحراف. فمتى قدر على إجلال القبلة للانحراف أمر به.

والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: قد تقدم ذكره وعلة جواز ذلك في المدائن في السؤال الذي قبل (١) هذا فأغنى عن إعادته.

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: إنما نهي عن قضاء الحاجة على قارعة الطريق وشاطئ النهر, والماء الكثير تعليق بذلك من حقوق الناس, ولم ينالهم من الأذي بفعل ذلك علي قارعة الطريق في تصرفاتهم, وشاطئ النهر في شربهم وطهارتهم. والماء الكثير بإفساده ومنع استعماله له ولغيره. وقد قال عليه السلام: اتقوا الملاعن الثلاث (٢). ومعناه أن الناس إذا خلوا بهذه المواضع فمنعهم من الانتفاع بها ما فيها من الأذى، نعنوا من قطع حظهم منها.


(١) الذي قبله -ح-.
(٢) أخرجه أبو داود وابن ماجة من حديث معاذ بن جبل -والملاعن الثلاثة- البراز في الموارد. وقارعة الطريق والظل. الهداية ج ٢ ص ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>