للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مجنونا لا يدفع إليه ماله، لمشاركة الصغير في علة المنع من الدفع، بل المجنون أولى بالمنع من الدفع من المراهق، لكونه عَدِمَ العقل بالكلية، ولحق بالبهائم.

وأمّا إن كان بلغ وهو عاقل: فمذهبنا ومذهب الشافعي أنه لا يزول الحجر عليه إلاّ أن يونس منه الرشد ومذهب أبي حنيفة أنه بالبلوغ والعقل يرتفع عنه، ولكن دفع ماله إليه يوافقنا عليه، ويرى أنه ممنوع منه حتى يونس منه الرشد، فإن كان أراد أن الحجر يرتفع عنه بالبلوغ والعقل فيما يتعلق ببدنه ونفسه، فكذلك نقول نحن، إذ لا يتهم عاقل سفيه أن يلقي نفسه بالمعاطب المهلكة له، ويتهَّم في المال أن يتلفه في الشهوات الفاسدة. وإن أراد به يمنع من القبض دون التصرف بالبيع والشراء بالقيمة، فنحن نخالفه في هذا، ونرى أنه لا تمضي عقوده إلَاّ أن يمضيها عليه وليه.

وهم يقولون إن منعه إذا بلغ عاقلا ولم يونس منه الرشد من قبضه لماله، إنما هو على جهة الاحتياط. فإن بلغ عاقلا. وأنس منه الرشد عقيب البلوغ، فلا خلاف بين العلماء في أنه يرتفع عنه الحجر في قبضه لملكه وفي تصرفه فيه.

وإن بلغ عاقلا سفيها وتمادى على سفهه، وله أربع وعشرون في عمره، فإنه لا خلاف أيضًا في أنه لا يدفع إليه ماله.

وإن بلغ خمسًا وعشرين سنة وهو سفيه، فجمهور العلماء: مالك والشافعي وغيرهما، على أنه لا يدفع إليه ماله. وانفرد أبو حنيفة فقال: يدفع إليه ماله.

والذي قاله الجمهور سبق إلى النفس (بأَدْنَى وخيالٍ صحته، إذ لا فرق بين سنه أربع وعشرون تمضي من عمره ولا سنة غير ست وعشرون ولا خمس وعشرون التي أخذها) (١) أبو حنيفة وأقامها مقام الرشد، مع العلم بسفهه


(١) هكذا في و، م. والأقرب للصواب: بأدْنى خيال ... بين مَن سنُّة ... ولا مَن سنّهُ ... التي أخذَ بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>