للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد يبلغ الإنسان وهو ابن اثنتي عشر سنة، وتلد زوجته في ستة أشهر. فيكون هذا الولد يلد أيضًا بعد أن تمضي اثنتا عشرة سنة ونصف. فيكون الأول جدًا، وأنا أستحي أن أحجر على جد.

وهذا ليس بشيء يعول عليه، وإنما هو إشارة إلى استبعاد كون الإنسان يصير جدًا وهو باق على السفه.

ونحن نسلم له أن هذا نادر في العادة، ولكن مع ندوره إذا تحققنا السفه فلا يبطلون بها العلم المحقق، ووجودها في النادر كما هي في الغالب.

وكذلك، تخيلهم أن سنّ البلوغ ثماني عشرة سنة، وهي حد لوجود العَقل الطبيعي المعتدل.

وأشار الشرع إلى سبع سنين تمضي من العمر لكون ما بعدها مبدأ التفطن لما يستحسن ويستقبح، وينهض مقدار ما في الصّبَى من عقل إلى الشوق إلى تدبير نفسه. فإذا أضيف هذا الانتباه من العقل والتفطن إلى ثمانية عشر، بلغ العدد خمسًا وعشرين سنة، فلم يحسن منعه من ماله.

وهذا أيضًا خيال بعيد (كتخيل الشرع وضع) (١) ها هنا في غير المقصود الشرعي. ولَاخَفاء في سقوط مثل هذا.

وكذلك إن تعلق بقوله تعالى {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} وقوله "رشدا" نكرة في إثبات والنكرة في الإثبات لا تكون عمومًا على الشمول.

وإنما تكون عمومًا على البدل، كقوله تعالى {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} (٢).

فمقتضى هذا، لو اقتصر عليه، أن الامتثال يحصل بأيّ بقرة شاؤوا.


(١) هكذا، والأقرب للصواب: (كتخيّل وضع الشرع).
(٢) البقرة: ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>