للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبخلاف العموم في تكرار النفي، فإنما يُحمل على الشمول والاستعياب فإذا حصل رشدٌ فا حسن معه دفع المال.

والعقل يسمى رشدا. ألا ترى إلى (قول قوم لوط) (١) {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ}. ولم يردها هنا بالرشد صيانة المال، وإنما أراد ها هنا العقل المقبح إلى (٢) إتيان الذكران دون ما خلقه البارى تعالى للوطء وكثرة النسل، وأن ترك الإناث اقتصارا على الذكران من الجهل والإسراف كما قال تعالى فيهم "تجهلون". والجهل ضد العلم، وإن كنا لا نرى العقل يحسن ولا يقبح، وإنما ذلك من جهة الشرع، وأمّا من جهة الطباع والعوائد، فإنه يحسن ويقبح.

قالوا: فإذا حصل رشدٌ ما وهو العقل، وجب رفع الحجر.

وهذا أيضًا غير مسلم، لأن المراد ها هنا بالرشد الذي (٣) تبذير المال. وقد قال تعالى: "ولا تؤتوا السفهاء" ثم عقب ذلك بقوله "فإن آنستم منهم رشدا" يريد ما هو ضد السفه ورافع له. فوجب حمل الكلام عليه مع أنه يقتضي قوله "فإن آنستم منهم رشدا" أنه إذا لم يونس رشدا فلا يدفع إليهم المال. فيصير دليل الخطاب ها هنا نكرة في النفي، وهي بخلاف كونها في الإثبات على ما عرف في كُتب الأصول.

ثم إنهم إن جعلوا بلوغ خمس وعشرين سنة هي حدّ الدفع للمال، فلماذا أمروا قبلها إذا صح الرشد، وإن كان العلة حصول الرشد في جواز الدفع، فلماذا أباحوا الدفع في الخمس وعشرين سنة مع عدم الرشد ووجود السفه؟

والجواب عن السؤال الثالث

أن يقال:


(١) هكذا في النسختين، والأقرب: قول (لوط إلى قومه).
(٢) هكذا في النسختين، والأوْلى إسقاط إلى.
(٣) هكذا في النسختن. ولعل الأقرب: المنافي.

<<  <  ج: ص:  >  >>