للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المقتول أن يجبر القاتل على الدية. وقد قال مالك: إن لولي القتيل أن يأخذ مالًا من القاتل بغير اختياره ويعفو عنه. (وعن مالك أن يملك عد مالكا (١)) على إحدى الطريقتين. وقد بسطنا هذا المعنى في كتاب الرجوع عن الشهادات، وذكرنا ما قيل فيه من الروايات.

وأمّا ما ليس بمال ولا هو مما يتملك وتجوز المعاوضة عليه، كطلاق السفيه وخلعه، فإن فقهاء الأمصار على إلزامه الطلاق. وخالف في ذلك ابن أبي ليلى وأبو يوسف ذهابًا منهم إلى أن البضع قد ملك الانتفاع به وإن لم يكن ذلك من الحقوق والمالية المحضة، ففيه علاقة من المال لأن السفيه إذا طلق قد يحتاج في ثاني حال إلى أن يتزوج لئلا يقع في الزنا، فيكون لوليه تزويجه فيغرم عنه صداقًا آخر، وهذا يتكرر منه إذا طلق الثانية والثالثة، وهذا يعود إلى إفساد ماله، فوجب ردّ طلاقه.

وقد ردّ ابن القصار عليهما بأن العبد لا يجوز له التصرف في ماله، ولو طلق لزمه الطلاق، فوجب أن يكون السفيه كذلك.

وهذا الذي ردّ عليهما به غير لازم لهما لأن العبد إذا طلق واحتاج إلى التزويج لم يلزم سيده أن يزوجه. والسفيه قد يلزم وصيَّه أن يزوجه إذا دعت ضرورة إلى ذلك، فارتفعت في العبد العلة التي وجدت في السفيه.

وقد وقع في المذهب عندنا قولان في إعتاقه أمٌ ولده: هل يرد عتقه فيها أم لا؟

وأشار المغيرة إلى تعليل ردّ عتقه بأن ذلك يعود بضرر في ماله لكونه يحتاج إلى تزويج أو سُرّية، فلو كانت أم الولد لكانت تكفيه وتغنيه عن ذلك، وتعفَفه عن الزنا.

وهذه الإشارة إلى هذا التعليل قاد بعض الأشياخ المحققين إلى الميل إلى


(١) ما بين القوسين كلام غير واضح ولعل الصواب: ومن ملك أن يملك عُدَّ مالكًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>