للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التوقف، والتردد في إلزام السفيه طلاقه لأجل ما يلحقه من الضرر في المال، كما أشار إليه المغيرة وأن يقول بما قال ابن أبي ليلى وأبو يوسف مِن ردّ طلاق السفيه؛ لأن أم الولد إذا قتلت أو جرحت أخذ السيد قيمتها أو قيمة جرحها، فقد صارت مما يترقب فيها أن تعود مالًا محضًا، وزوجة السفيه لا تعود مالًا أبدًا. وقد تكلمنا في الرجوع عن الشهادة على شهود شهدوا بعتق أم ولد ثم رجعوا عن الشهادة، كما تكلمنا على اختلاف الناس في غرامة شهيدين شهدا بالطلاق على رجل أنه طلق زوجته وقد دخل بها، ثم رجعا عن الشهادة. وأمّا عتق السفيه لأمة (١) التي ليس فيها عقد حرية فإن ذلك لا يمضي لكونه أتلف مالًا محققًا. وأمّا عتقه لأم ولده، فالأشهر أنه يمضي لكونه ما أتلف إلَاّ استمتاعًا. وقيل: يرد لكونه قد يحتاج إلى غرامة مال آخر فيما يستعفف به.

وعلى القول بأن عتقه فيها ماض: هل يتبعها مالها إذا كان كثيرًا؟ فيه قولان: أحدهما أنه لا يتبعها لكونه أتلف مالًا محضًا.

والثاني أنه يتبعها لورود الشرع بأن المعتَق يتبعه ماله فإن قلنا: إن العبد لا يملِك اتضح كالإتلاف، (وكأنه مالًا موضوعًا في جزائه) (٢) وإن قلنا: العبد يملك بعد ملك سيده أن ينتزع ماله وهي: من ملك أن يملك كالمالك على إحدى الطريقتين التي تقدمت.

والجواب عن السؤال التاسع أن يقال:

قد علق الله سبحانه أحكام التكليف بالبلوغ، كالمشعر بكمال العقل الطبيعي. وإنما يتطلب بعده عقل يكتسب من التجارب. قال تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (٣).


(١) هكذا، ولعل الصواب: لأمته.
(٢) ما بين القوسين هكذا في النسختين.
(٣) النور: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>