للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما وجه إحدى الروايتين في العفو عن قليل دم الحيض فلأنه (١) رآه مما يشق التحرز منه، فألحقه بغيره من الدماء ليجري الحكم في المتجانس مجرى واحدًا. وقد اختلف في العفو عن قليل القيح وقليل الصديد. وتوجيه القول فيهما كتوجيه القول في قليل دم الحيض. وقد قال بعض شيوخنا يجب أن يكون ما طرأ على الإنسان من دم غيره من الحيوان الذي يمكنه التحرز منه كدم الشاة وشبهها غير معفو عنه لأنه ليس مما يشق التحرز منه فيجب العفو عنه.

والجواب عن السؤال الثامن: أن يقال: إنما قال بنجاسة بول ما لا يؤكل لحمه ولم يستثن من لم يأكل الطعام لأنه روي عن مالك نجاسة بول من لم يأكل الطعام قياسًا على غائطه. وقد اتفق على نجاسته. وإذا ثبت للغائط حكم ثبت للبول. ألا ترى أن غائط من أكل الطعام نجس وكذلك بوله؟ وغائط ما يحل أكله كالشاة والبعير طاهر، فكذلك بوله. ووجه الانفصال على هذه الرواية عما روي عنه عليه السلام: أنه أتي بطفل لم يأكل الطعام فأجلسه في حجره فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله (٢). أن يقال قد يسمى الغسل نضحًا. ومنه قيل للإبل نواضح فيمكن أن يكون صب عليه السلام من الماء ما أذهب عنه النجاسة. وذلك يسمى نضحًا. وقد فرق بعض أصحابنا بين بول الجارية والغلام. فذهب إلى نجاسة بول الجارية دون الغلام. وقصر الحديث الوارد في الطفل على ما ورد عليه. وهذا ضعيف في القياس. فيمكن أن يكون القاضي أبو محمَّد إنما لم يستثن بول الطفل آخذًا بالرواية التي قدمنا في نجاسته. وإنما (٣) يكون أراد بقوله: كل حيوان محرم الأكل يريد محرمًا لا لحرمته. وتحريم كل بني آدم لحرمتهم، بخلاف غيرهم من الحيوان.


(١) فإنه -و-.
(٢) أخرجه الستة ومالك عن أم قيس بنت محصن. جامع الأصول، ج ٧ ص ٨٦.
(٣) أو أن -و-ق-.

<<  <  ج: ص:  >  >>