للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب عن السؤال التاسع: أن يقال: إنما قال (١) أن بول المباح مباح خلافًا لأبي حنيفة والشافعي لقوله عليه السلام: ما كل لحمه فلا بأس ببوله (٢).

ولأنه عليه السلام أباح للعرنيين أن يشربوا من أبوال الإبل تداويًا بها. ولو كان نجسًا لم يأمرهم بذلك ولو كان على جهة التداوي. لأنه عليه السلام قال: لا شفاء فيما حرم الله (٣). فإن احتجوا بقوله عليه السلام: كان لا يستتر من البول (٤). فعم. قيل: قد روي كان لا يستتر من بوله (٥) فيرد المطلق إلى المقيد.

وقد تعلقوا أيضًا بأن الإجماع قد تقرر على نجاسة بول الإنسان الذي أكل الطعام. وليس لذلك علة سوى تسميته بولًا. فحيث ما وجدنا هذه العلة التي هي مجرد التسمية، جعلناها علة للحكم. وهذا الذي قالوه له تعلق بأحكام العلل. وليس هذا موضع استقصائه. وقد ذكر القاضي أبو بكر بن الطيب كون (٦) الاسم العلم علة للحكم. فمثله أبو القاسم عبد الجليل الصابوني: يكون تسميته عرفة علة في وجوب الوقوف بها. وهذا الذي قاله لا تظهر فيه فائدة. لأنه لا يوجد فروع يختلف فيها فترد لهذا الذي ذكره. وأعظم ما فيه إن سلم (٧) له أن يكون من العلل القاصرة. وقد مثل بعضهم كون الإسم العلم علة للحكم بهذه المسألة التي نحن فيها. وهي كون مجرد تسمية البول علة في الحكم بنجاسته. وهذا إن سلم تجري فائدته بخلاف ما ذكره أبو القاسم عبد الجليل.


(١) إنما قال ساقط من -و-ق-.
(٢) أخرجه النسائي عن البراء بن عازب والدارقطني والبيهقي عن جابر وهو حديث ضعيف.
(٣) أن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرّم عليكم. أثر موقوف عن ابن مسعود. وله شاهد موصول. أخرجه أبو يعلي وصححه ابن حبان من حديث أم سلمة قال: اشتكت بنت لي فنبذت لها في كوز فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم -وهو يغلي فقال: ما هذا؟ فأخبرته. فقال: إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم. فتح الباري ج ١٢ ص ١٨١.
(٤) كان لا يستتر عن البول وفي رواية من البول. إكمال الإكمال شرح مسلم ج ٢ ص ٧٣.
(٥) متفق عليه. فتح الباري ج ١ ص ٣٣٠.
(٦) كون ساقطة -ح-.
(٧) أن يسلم -و-ق-.

<<  <  ج: ص:  >  >>