للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب عن السؤال العاشر: أن يقال: أما الحيوان الذي يتغذى بالنجاسة. فاختلف فيه هل ينتقل حكم بوله ولبنه وعرقه عن أصله أم لا؟ فقيل: هو باق على أصله لأن النجاسات التي يتغذى (١) بها قد استحالت. واستحالتها تسلبها حكم النجاسة كاستحالة الخمر خلًا. وقد قال تعالى: {نُسْقِيكُمْ مِمَّا في بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ}. (٢) فأخبر في ظاهر الآية عن مخالطته للنجاسة في باطن الجسم. فإن ذلك (٣) لا يضر إذا انفصل عن الجسم، فكذلك العرق والبول. وقيل بل ينتقل جميع ذلك عن أصله ويصير نجسًا. لما رواه الترمذي والنسائي على النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه نهى عن أكل لحوم الجلالة وألبانها (٤). ومن هذا الأصل اختلف في عرق السكران. ويختلف في لبن المرأة تشرب الخمر. واختلف في البقول تسقى النجاسة وسنزيد ذلك بيانًا في الكلام على النجاسة هل تطهير بالاستحالة إن شاء الله تعالى؟.

والجواب عن السؤال الحادي عشر: أن يقال: إنما أكد بقوله كلها. يشير إلى ما ذهب إليه المخالف في هذا على ما سيرد بيانه إن شاء الله.

والجواب عن السؤال الثاني عشر: أن يقال: أما شعر الميتة فإنه طاهر عندنا. وذهب الليث وغيره إلى نجاسة الشعور كلها. وأنها تطهير بالغسل.

وذهب الشافعي في أحد أقواله إلى طهارة شعر ابن آدم خاصة، ونجاسة ما سواه من الشعور. واعلم أن نكتة الخلاف في هذه المسألة - وفي مسألة العظم والقرن تدور على تحقيق القول في حياة هذه الأشياء. وأنها تعدم منها الحياة بعد وجودها فتسمى ميتة. وتلحق بسائر أجزاء الميتة في الحكم. أو تكون مواتًا لا حياة فيها أصلًا (٥). فلا تسمى ميتة. لأن الميتة ما كان حيًّا فمات حتف أنفه.

وهذه إذا لم تكن فيها حياة لم تستحق هذه التسمية حتى تلحق بأحزاء الميتة في


(١) التي يغذى بها -ح- النجاسة التي تغذى بها -ق-.
(٢) سورة النحل، الآية: ٦٦.
(٣) وإن ذلك لا يضر -و-ق-.
(٤) ورواه أيضًا الحاكم وأبو داود والبيهقي. انظر بلوغ الأماني.
(٥) أصلًا ساقطة -و-ق-.

<<  <  ج: ص:  >  >>