للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لو كان الدين إلى أجل فجعله لمن استحقه مؤجلًا، وقد أحاط الدين بما في يديه، فإن ذلك يردّ، ولا يختلف فيه كما اختلف في قضاء بعض الديون، لكون الغرماء لم يعاملوه أيضًا على كونه يقضي ديونًا آجلة ويترك قضاء ديون حالة.

وحكيت هذا في بعض مجالس (١) وكان حاضرًا أحد مشائخ المفتيين، فقال: إن هذا يجب رده من طريقة أخرى، لأن الدين الآجل لو بيع بالنقد لم يساوِ مقدار عدده الذي يؤخذ حالًا إذا قضاه كاملًا، فصار الزائد على ما بين قيمته آجلًا وقيمته حالًّا كالهبة، والهبة ترد من غير خلاف منصوص في المذهب كما ذكرناه.

وهذا الذي قاله صحيح، وإنما يبقى النظر: هل يرد جميعها؟ ومقدار هذه المحاباة التي بين القيمتين التي تجري مجرى الهبة.

وعلى التعليل الذي ذكرناه نحن في أن الاعتبار بما عامله عليه (غرماؤهم يعاملوه) (٢) على تعجيل دين آجل، إذ تبين فلسه يجب أن يردّ جميعه لا قدر المحاباة كما يقتضيه التعليل الآخر.

والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:

إذا كان من عليه الديون في يديه ما يقتضي منه جميعَها على الكمال، فلا مدخل للتحجير عليه، لأن القاضي إنما نُصب لاستخراج الحقوق إذا طلبها أهلها، وهو إذا كان عنده ما يفي بجميع ما عليه من ديون، أَمَره بقضائها، أو انتزع القاضي ما في يديه فقضاه لغرمائه، إن لم يقض هو ذلك بنفسه، أو تعذر قضاؤه بنفسه.

وأما إذا كان ما في يديه يَقصُر عَمّا عليه من الديون الحالَّة، وليست


(١) بياض في النسختين بمقدار كلمة.
(٢) هكذا في النسختين.

<<  <  ج: ص:  >  >>