للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حقوقهم، فأشكلت العادة فيه: هل هذا مما دَخل عليه الغرماء معه، لكونه وإن كان نقصًا في الحال فهو إنماءٌ في المآل، لكونه إذا قضى أحد الغرماء عامله الناس الذين يقضي ما عليه من الحقوق أو الأمر بخلاف ذلك؟

ولم يختلف المذهب عندنا في أنه إذا تصرف تصرفًا ينقص حُقوقهم، وليس فيه طلب تنمية المال في الحال ولا في المآل، أن ذلك لا ينفذ، كعتقه عبده أو هبته لرجل بعض ماله.

لكن القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب حاول أن يخرّج في عتقه وهبته اختلافًا من اختلاف قول مالك في إجازته له أن يقضي بعض غرمائه دون بعض، فأنكر بعض أشياخي هذا التخريج لأجل ما أشرنا إليه أن القضاء لبعض غرمائه يؤدي إلى الثقة به في المعاملة وإذا عومل نما ماله ووجد ما يقضي منه الديون.

والإعتاق والهبات خسارة محضة ونقص في المال لا يفيد نموًّا في الحال ولا في المآل، فلا يحسن الخلاف فيه كما يحسن الاختلاف في جواز قضائه ديون بعض غرمائه وقد أحاط الدين بماله.

ولأجل هذه الإشارة التي أشرنا إليها من التعليل المفرق بين عتقه وهبته وقضائه لبعض غرمائه إذا (١) ذلك الشيخ أبا القاسم السيوري رحمه الله إلى (٢) أن استفتاه بعض القضاة في رجل عليه دين لجماعة أحاطت بما في يديه فقضى

جميع ما في يديه لأحد غرمائه، فأشار إلى أن ذلك لا يختلف في رده، وإنما اختلف في كونه يقضي بعض ما في يديه ويمسك بعضًا يعامل به الناس، فيتصور ها هنا كون ما قضاه فيه تنمية في المال. وأما إذا عاد فقير إلىِّ شيء (٣) في يديه فإنه لا يعامل، فيكون ذلك ضررًا بيّنًا ببقية غرمائه. وقد رأيته في بعض التعاليق عن بعض الأشياخ القرويين أنه أشار إلى قريب مما أشار إليه السيوري، فقال:


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: أدّى.
(٢) هكذا في النسختين.
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: عاد فقيرًا لا شيء ....

<<  <  ج: ص:  >  >>