للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكن أصبغ قال: لو قضى القاضي بها لوجبت المحاصة لهم لكونها لما حكم بها ثبتت ثبوت ديون المعاملة.

وأمَّا الحقوق الثابتة لا عن معاوضة مالية، ولا عن معاوضة في حكم المالية كالنكاح والخلع، ولا عن مواساة، بل من جهة الإفتيات على من له الحق بغير اختياره كالجنايات فإن بعض أشياخي رأى أنها جارية على القولين في النفقات، وما ذكرنا معها مِمّا ليس ثبْت الديون فيه عن معاوضة. وقد قال في المدونة في الجاني جناية دون الثلث لا تحملها العاقلة: إنه إذا رهن بها رهن أُمضي ذلك للمجنيّ عليه، كما لو قضاه أرش الجناية، فأوجب المحاصة وألحقها بالديون.

وقال في كتاب الصلح في جناية العمد: إذا أراد الجاني أن يصالح عليها وعليه ديون، فإن لغرمائه أن يمنعوه من ذلك. وأشار بعض الأشياخ إلى أن ذلك لو وقع لمضى ونفذ، ولم يكن للغرماء ردّه كما لو قضى من (١) الصداق وشبه ذلك؛ لأن له منفعة فيما بذل، وهو وقاية نفسه من القصاص، كما للزوج منفعة فيما بذل لحاجته إلى النكاح، والذي يدفع عن جناية العمد ليست بهبة محضة، ولو كان هبة لسقط عن الجاني ما التزم من الأرش إذا مات، كما تسقط الهبة إذا لم تُحَنْ.

وهذا الذي أشار إليه قد يسلم له اشتراك الجناية مع النكاح في كون ذلك معاوضة عن منفعة، ولكن إذا قلنا: إن الغرماء عاملوه على أن يتزوج ويتسرى لاطراد العادة بذلك عمومًا فإن جناية العمد لم يعاملوه على أن يفعل ما لا يحل تعمدًا ويتلف ما لَهم فيه.

وظاهر مذهب الشافعية الحصاص بأرش الجناية، لكون الأرش وجب بغير اختيار المجني ورأوا إقراره بالجناية آكد باللزوم من إقراره بدين المعاملة


(١) هكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>