للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاختيارية، لكون الجناية بغير اختيار المجني عليه، كما لو جنى العبد المرتهَن.

فإن أرش الجناية أحق برقبته من الذي هو في يده رهنًا وإنما كان هذا كذلك لأن المرتهِن تعلق حقه بذمة سيد العبد لا بعين العبد، وتعلق أيضًا بعين العبد بكونه فعل ما في ثمنه على الغرماء، وأصحاب الجناية لم يتعلق لهم حق بذمة سيّد العبد، وإنما تعلق حقهم بعين رقبته، فقدموا على المرتهِن الذي إن أسقط حقه في عين العبد بقي حقه في ذمة سيّده.

والجواب عن السؤال الخامس أن يقال:

قد علم أن إقرار المريض لمن يتهم بتْوليج ماله، وصرفه عن ورثته إليه مردود، ولا يقبل منه، على ما سنذكرهُ جملة وتفصيلًا في كتاب المديان إن شاء الله تعالى. لكن يتعلق ببعض مسائله المحاصّة التي يتبدل حكمها. فمِن ذلك إقرار المريض بدين لأحد ورثته ولرجل أجنبي لا يتهم في الإقرار له. مثل أن يقول في مرضه، ولا يرثه إلا ولدان. أحد ولديَّ عندي (١) مائة دينار ولفلانَ رجل آخر أجنبي، عندي مائة دينار ولم يترك سوى مائة دينار، فإن الولد المقَرَّ له يحاصّ الأجنبي، لكون الأجنبي لم يثبت دينه إلا بإقرار هذا المريض، ولو لم يقرّبه له لم يثبت له شيء. وكذلك إنما ثبت الدين لأحد ولديه بإقرار أبيه المريض. فقد ساوى هذا الولد الأجنبيَّ في طريق ثبوت دينهما، ولا يتهم المريض في إقراره لولده في حق الأجنبي، لأنه لو شاء لم يقرّ للأجنبي، فإذا (٢) تساويهما في طريق ثبوت دينهما وجب أن يتحاصا في هذه المائة، فيقتسمانها نصفين، كأن التهمة إذا ارتفعت من جهة الولد (٣) الأجنبي فإنها لا ترتفع من جهة المقَرّ له من الولدين مع أخيه، لأن أباهما يتهم أن يؤثر أحد ولديه بميراث ماله على الولد الآخر، على ما ينظر في كتاب المديان. فإذا تطرّقت التهمة من جهة إيثار


(١) أي: عندي له.
(٢) هكذا في النسختين، ولعله: فإذا [كان].
(٣) هكذا في النسختين، ولعله: الولد [مع].

<<  <  ج: ص:  >  >>