للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرض عليها، عبر عن ذلك بالجواز. وقد اختلف أهل الأصول في الوجوب إذا نسخ هل يبقى الفعل جائزًا أم لا؟ فمنهم من قال: إن الوجوب يتضمن الجواز.

فإذا رفع الوجوب بالنسخ بقي الحكم الآخر وهو الجواز. فأنت ترى هؤلاء كيف أثبتوا حقيقة الجواز مع حقيقة الوجوب، فلا تستنكر هذه العبارة التي وقعت ها هنا. وتعبيره بقوله من المحدثين يشير به إلى حقيقة ما قلناه، إذ إباحة الفعل لا يختص بها المحدثون.

قال القاضي رضي الله عنه: فأما من يجوز له التيمم فكل محدث حديثًا أعلى أو أدنى ممن يلزمه الوضوء والغسل (١).

قال الإِمام رضي الله عنه: يتعلق بهذا الفصل سؤلان. منها أن يقال:

١ - ما الدليل على صحة التيمم في الحدث الأعلى؟.

٢ - وما فائدة تقييده بقوله من يلزمه الوضوء والغسل؟.

فالجواب عن السؤال الأول: أن يقال: اختلف الناس في جواز التيمم للجنب، بعد اتفاقهم على جوازه لمن حدثه الحدث الأصغر. فجمهور العلماء على جوازه. وحكي عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما منعه (٢). والدليل لما عليه الجمهور قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (٣). والملامسة الجماع. وإن قلنا أن الملامسة اللمس باليد. ومنعنا من حمل الآية على العموم الجامع بين المذهبين (٤) جميعًا، مس اليد والجماع، اعتمدنا على قوله - صلى الله عليه وسلم - للذي أجنب: إنما يكفيك ضربة لوجهك وكفيك (٥) الحديث.


(١) أو الغسل -ق- الغاني-.
(٢) منعه ساقطة -ح-.
(٣) سورة النساء، الآية: ٤٣.
(٤) الجامع للمذهبين -ح-.
(٥) هذا هو حديث عمار أخرجه البخاري ولفظه. قال له إنما يكفيك هكذا فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه. فتح الباري ج ١ ص ٤٦٠.
وفي رواية لمسلم إنما يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ فيهما ثم تمسح بهما وجهك وكفيك. إكمال الإكمال ج ٢ ص ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>