فرضه التيمم في أحد الأقوال عندنا إلى غير ذلك من المسائل. فتعرض صاحب الكتاب لهذا التقييد لهذه المسائل كلها ليدل بالإجمال على التفصيل. وهذا من الحذق والتحصيل.
والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: اختلف الناس فيمن وجد من الماء ما لا يكفيه لوضوئه. فمذهب مالك وأبي حنيفة أن استعمال ذلك القدر لا يجب عليه. ومذهب الشافعي أنه يجب عليه استعماله. ويتيمم مع ذلك. وذهب بعض المتقدمين إلى أنه يبني التيمم على الوضوء ويكمل إحدى الطهارتين بالأخرى. فإذا وجد ما يغسل به وجهه غسل وجهه ومسح بالتراب كفيه.
وسر الخلاف بين العلماء في هذه المسألة هو أن الله سبحانه أمر القائم إلى الصلاة بغسل الأعضاء المذكورة. ومعلوم أنها لا تغسل إلا بماء. ولكن الماء غير مذكرر ولا منصوص عليه في صدر الآية. فلما قال عقب ذلك: فلم تجدوا ماء وقع الإشكال. هل المراد ماء وإن لم يكف. فيجب استعمال ما لا يكفي في الطهارة منه؛ لأنه يسمى ماء أو المراد الماء المتقدم التنبيه عليه وإن لم يذكر.
فلا يجب استعمال ما لا يكفي منه؟ هذه نقطة الخلاف بين فقهاء الأمصار. ومن
البديع المحقق لديك ما قلناه اتفاق مالك والشافعي رضي الله عنهما على أن
واجد بعض الرقبة لا يعتق ما وجد ويصوم. لأن الله تعالى قال في صدر آية الكفارة:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}(١). ثم قال:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ}. فلما تقدم ذكر الرقبة بالنص عليها اتفقا على أن قوله:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} محمول على من لم يجد ما تقدم النص عليه، وهو الرقبة الكاملة. ولما لم يتقدم ذكر الماء في صدر الآية وقع الإشك الذي المراد بقوله:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} فاختلف فيه على حسب ما بيناه.
ومما ينخرط في سلك هذه المسألة المضطر للميتة. وعنده اليسير من الطعام الذي لا يمسك رمقه، فإنه يجب عليه أكله، ثم بعد أكله ينتقل إلى الميتة. ولا يكون هذا حجة لمن قال أن الواجد من الماء ما لا يكفيه يجب عليه استعمال ما وجد. كما وجب على المضطر أكل الطعام الذي وجد؛ لأن القدر