للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليسير من الطعام له حصة في إمساك الرمق. والغرض في الشرع إمساك الرمق. لما كان للطعام المباح حصة فيه وجب استعماله. والغرض من الطهارة رفع الحدث وهو لا يرتفع إلا بغسل جمع الأعضاء. فلهذا افتراق الأصلان، لا سيما على طريقة من قال لا يرتفع حكم الحدث عن العضو المغسول تحقيقًا إلا بعد إكمال الطهارة. وأما من قال يرتفع الحدث عنه، ففي انفصاله عن مذهب الشافعي كلام يغمض.

ومما ينخرط في هذا السلك أيضًا من وجد ما يستر بعض عورته فإنه يجب عليه ستر ذلك. فيقال ما الفرق بين هذا وبين الواجد من الماء ما لا يكفيه وقد قلتم لا يجب عليه استعماله؟ قيل نحن إنما تركنا استعمال ما لا يكفي من طهارة الماء إلى بدل عنها، وهي طهارة التراب، فتركنا بعضًا واستبدلنا به كلًا (١).

وهذا إذا لم نأمره بستر بعض العورة بالذي وجد، فإنا منعناه من ستر ما قدر عليه ولم نعوضه منه بدلًا. فجمعنا بين ترك البدل والمبدل منه. وفي الطهارة لم نفعل ذلك بل أتينا بطهارة كاملة واستغنينا بها عن طهارة ناقصة.

ومما ينخرط في هذا السلك من بثوبه نجاسة، ومعه من الماء ما لا يزيل أصلها ويزيل بعضها، فإن بعض العلماء أمره أن يزيل منها القدر الذي أمكنه. وهذا وجهه أيضًا ما قلناه في ستر بعض العورة.

ومما ينخرط في هذا السلك أيضًا مسألة (٢) من غمرت الجراح أكثر جسده فإنه يتيمم عندنا. وعند الشافعي يجمع بين التيمم وغسل ما صح من بدنه. ولا فرق بين عدم إمكان استعمال الماء في بعض الأعضاء لعدم الماء، أو لاستيلاء الجراح على أكثر الجسد. والكلام على هذه المسألة كالكلام على نظيرها وقد تقدم.

والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: قد أشرنا في كلامنا على السؤال الثاني حيث قلنا: إن الله سبحانه نص على الرقبة في صدر الآية، ثم قال: فمن لم يجد. فحمل ذلك على من لم يجد رقبة وهي التي تقدم ذكرها.


(١) فتركنا بعضًا واستبدلنا بعضًا -ح-.
(٢) مسألة ساقطة -ح-.

<<  <  ج: ص:  >  >>