ولم يذكر الماء في صدر آية الطهارة، فوقع الإشك الذي قوله: فلم تجدوا ماء. هل المراد به ما سمي ماء أو ماء كافيًا لغسل ما تقدم ذكره في الآية؟.
قال القاضي رحمه الله: وكل واحد من هذين الشرطين متعلق بشروط.
منها ما يعم، ومنها ما يخص. فأما ما يعم: فهو أن يكون محتاجًا إلى التيمم وذلك بأن يدخل الوقت، ويتوجه عليه فرض الصلاة. فإن قدمه على ذلك فلا يجزيه. وأما ما يخص، فهو أن (١) عادم الماء لا يجوز له التيمم إلا بعد طلب الماء وإعوازه. وإن وجده بثمن مثله أو غاليًا غير متفاحش لزمه شراؤه، إلا أن يجحف به. وهذه الشروط منتفية في القسم الآخر وهو تعذر استعماله.
قال الإِمام رضي الله عنه: يتعلق بهذا الفصل سبعة أسئلة. منها أن يقال:
١ - ما معنى تقييده بقوله ويتوجه عليه فرض الصلاة؟.
٢ - وما الدليل على مراعاة دخول الوقت؟.
٣ - وما الدليل على وجوب الطلب؟.
٤ - وهل الطلب محدود أم لا؟.
٥ - وهل تلزمه إعادة الصلاة إن لم يطلب؟.
٦ - ولم سقط استعمال الماء إذا غلا ثمنه؟.
٧ - وهل زيادة الثمن محدودة أم لا؟.
فالجواب عن السؤال الأول: أن يقال: أما التقييد فتحرز ممن يدخل الوقت عليه وهو غير مخاطب بالصلاة كالصبي والمجنون والحائض. وهذه إشارة منه رضي الله عنه إلى مذهبنا في أن العبادة المؤقتة بوقت يتعلق الوجوب بجميع أجزاء الوقت، خلافًا لمن قال: إن الوجوب يتعلق بآخر الوقت. فعلى مذهبنا يصح قوله ويتوجه عليه فرض الصلاة. وأما من قال إن الوجوب يتعلق بآخر الوقت فلا تصح هذه العبارة على أصله. ولكنه قد يقول يصح التيمم أول الوقت، وإن لم يتوجه فرض الصلاة، كما يصح عنده إيقاع الصلاة في أول الوقت وتجزئ عن الفرض. وإن كان لا يتوجه الفرض إلا في آخر الوقت عنده.