للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: أما مراعاة الوقت فإن المشهور من المذهب أن التيمم لا يصح قبل دخول الوقت. وقال ابن شعبان من أصحابنا يصح التيمم ولم يعتبر دخول الوقت. فأما ابن شعبان فإنه يقيس التيمم على الوضوء. فلما صح الوضوء قبل دخول الوقت كان التيمم الذي هو بدل عنه يصح قبل دخول الوقت. وأما الحجة للمشهور فإن الله تعالى قال: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} إلى قوله: {فَتَيَمَّمُوا} (١). فأمر بهاتين الطهارتين عند القيام إلى الصلاة. ولا يقام إليها إلا إذا دخل الوقت، فخصت السنة الوضوء بجواز تقدمته قبل الوقت. وبقي التيمم محكومًا فيه بما اقتضته الآية، لما لم يرد ما ينقل عنها.

والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: أما الطلب فالمشهور من المذهب إثباته. وخرج بعض أصحابنا من القول بإجازة (٢) الجمع بين صلاتين فائتتين بتيمم واحد سقوط الطلب. إذ لو كان واجبًالأمر بالطلب للصلاة الثانية. وجعل المذهب على قولين إيجاب الطلب وإسقاطه. وفي هذا التخريج نظر لأنه قد يكتفى بالطلب الكائن عن الصلاة الأولى عن استئناف طلب للصلاة الثانية.

ويجعل حكم الطلب الأول منسحبًا (٣) على الصلاة الثانية. كما يكتفي بالنية عند افتتاح الصلاة وينسحب حكمها على بقية الركعات. فكذلك يجعل الصلاتين ها هنا كالصلاة الواحدة في حكم الطلب. وحكى أصحابنا البغداديون عن أبي حنفية سقوط الطلب جملة من غير تفصيل. والذي وقفت عليه في كتب أصحابه أنه إنما يسقط الطلب في الأسفار خاصة لكونها مختصة بعدم المياه غالبًا بخلاف الحواضر الموجود الماء فيها (٤) غالبًا. ودليلنا على وجوب الطلب قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}. وهذه العبارة إنما تستعمل فيمن بحث عن (٥)


(١) سورة المائدة، الآية: ٦.
(٢) بإنكار -ق-.
(٣) مستحبًّا -ق-.
(٤) الموجود فيها الماء غالبًا -ق-.
(٥) على -ح-.

<<  <  ج: ص:  >  >>