للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استظهار. فلو التزم الحميل أنه إن تعذرت هذه اليمين التي يُطلب بها الغريم إذا حضر لقام (١) بالمال، ارتفع هذا الخلاف بين ابن القاسم وسحنون. وكان الخليفتان رضي الله عنهما يضيفان إلى يمين المفلس على أنه ما عنده ما يقضى منه، وأنه إن وجد مالًا في المستقبل ليقضى منه. فأضافا رضي الله عنهما إلى اليمين على صفة الحال اليمين على ما يكون في الاستقبال. وهذا تأكيد في الاحتياط والاستظهار لئلا يقوم الغريم بعد مدة يمكن أن يكتسب الغريم فيها مالًا فيطلب صاحب الدين استخلافه أنه لم يكتسب في هذه المدة مالًا فيتكرر ذلك فتكون تقدمة اليمين عليه كالحاسم لمضرة التكرير.

والجواب عن السؤال السادس أن يقال:

قد تقرر في أصول الشرع بناء الأحكام على الاحتياط وصيانة الأموال على أربابها. فإذا وجب تفرقة مال مديان على غرمائه فلا تخلو من أن يكون غير معروف بالمداينة والإكثار منها حتى يغلمب على الظن، ويقتضي ظاهر الحال ألا طالب لماله سوى (من حاول القاضي أو يقضيه دينه) (٢)، أو يكون مكثرًا للاستدانة حتى لا يغلب على الظن أنه قد أحاط بجميع غرمائه في الحال، وإن كان كذلك، وإنما يفرق القاضي تركته على الغرماء وقد مات، فإنه يجب الاستيناء في قضاء من حضره من الغرماء والبحث عمن سواهم، حتى يغلب على الظن أنه قد أحاط بجميعهم.

وأما إن كان مفلسًا فانه اختلف: هل يستأني بقضاء من حضر من الغرماء كما يُستأنى بتركته أم لا؟ ففي المدونة قولان في هذا المعنى: فذكر ابن وهب عن مالك أن الغائب إذا مات استؤني بقسمة تركته على غرمائه. وكذلك إذا فلس.

وقال غيره لا يستأنى قسمة مال المفلس بين غرمائه كما يستأنى في تركة


(١) أي: لغرم.
(٢) هكذا في النسختين، والمعنى: من طلب من القاضي إلزام المدعى عليه قضاء دينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>