للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبا إسحاق- يشير إلى أنه بالخيار في طلب القابض لكونه في يديه حق الطارئ، أو طلب الدافع لكونه تعدى عليه بتسليم حقه لغيره وبعضهم يشير إلى أن المسألة على قولين في طلب الدفع. وفي المدونة كلام فيه إشكال حمله بعضهم على التخيير وحمله بعضهم أنه اختلاف. وقد اشتهر الخلاف في الغاصب إذا غصب شيئًا فوهبه لأحدٍ، ثم أتى المغصوب ذلك منه طالبًا له، وقد فات في يد الموهوب له، هل تكون البداية بطلب الغاصب المتعدي في الدفع لهذا المال، أو طلب القابض المنتفع به، أو يكون بالاختيار في طلب من شاء منهما؟ لكن قد قيل إن الذاهبين إلى القول بالبداية بالغاصب إنما صاروا إليه لأنه إذا غَرم لم يرجع له غرمه على الموهوب له لكونه سلطه على الإتلاف على ألَاّ عِوَضَ عليه، كما قيل فيمن أثاب (١) في صدفته ظنًّا منه أن الكفارة تلزمه، فأكلها قابضها فإنه لا يرجع عليه الدافع إليه، لأنه هو الذي سلطه على إتلاف عَين شبيه (٢) على ألَاّ عوض عليه غلطًا منه على ماله. وفي التفليس إذا رجع الغريم الطارئ على الوارث أو الوصي كان للوارث أو الوصي أن يرجع بما غرم على الغريم القابض بما دفعه إليه لأنه لم يسلّم ذلك على جهة الهبة، بل في معنى المعاوضة عمّا على أبيه الذي ورثه وإبراء لذمة أبيه. "فإذا غرم الغريم الطارئ رجع بذلك على من دفع إليه، فلا فائدة في تمكين الغريم الطارئ من طلبه وعدوله عن الغريم القابض من غير عذر ولا فائدة له، ولا للقابض في ذلك) (٣) بخلاف مسألة الغاصب فإن في العدول عن تغريم القابض فائدة له في أنه لا يرجع عليه بما أتلفه مما وهب له. وقد قررنا أن الطارئ إذا استغرم الوارث أو الوصي الدافعين لهذا المال فإن لهما أن يرجعا على من دفعا إليه لما ذكرناه. فقد يقال في هذه إنه قد يتخرج فيه خلاف من مسألة الوكيل إذا تعدى، والسلعة التي وكل على بيعها قائمة، إنه يضمن ما تعدى فيه، ويكون تعديه


(١) هكذا في النسختين.
(٢) هكذا في النسختين ولعلها عين شيئه.
(٣) ما بين القوسين هكذا في النسختين.

<<  <  ج: ص:  >  >>