للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منها بعد ما أخذه الغرماء كأن الغريم الطارئ استحق عينه فيحسب عليه في حكم المحاصة خاصة.

وأما المفلس الحي فإن ذمته باقية، فلا يحسب ما فضل عن غرمائه للذين لم يقوموا بتفليسه كمديان فلسه بعض غرمائه ولم يقم بعضهم بتفليسه ولا طلب منه دينه، فيكون الدين باقيًا في ذمته في حق من لم يرض بتفليسه، حتى كأنه لم يفلس لأحد من الناس.

هذا حكم ما يكشفه الغيب من الغلط في المحاصة.

وأما البيع للتركة فإنه قد تقرر في الشرع ألا ميراث إلا بعد قضاء الدين.

قال تعالى بعد أن ذكر الفرائض وما ترثه البنت والبنتان والأبوان والأزواج: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (١). فإنما ملك البارئ سبحانه من ذكر من الورثة ما سماه لهم في كتابه بعد أن تخرج ديون الميت ووصاياه. فإن باع الورثة سلعة الميت، وهم يعلمون بأن له غرماء أو يظنون ذلك، لكونه مشهورًا بالاستدانة فإنهم قد تعدّوا في البيع لأنفسهم ليرثوا ما ترك ميّتهم من غير أن يقضوا ديونه، ولا يختلف في كونهم منهيّين عن هذا البيع، ولكن لحق غيرهم من المخلوقين وهم الغرماء، فإن فعلوا كان للغرماء نقض ما باعوه لأن الغرماء استحقوا ذلك دون الورثة. فصار الورثة في بيعهم كمن باع سلعة غيره، فلصاحب السلعة أن يفسخ بيعه هذا إذا لم يقدر على قضاء الديون إلا بفسخ البيع في هذه السلع.

فأمّا إن قضيت الديون من غير حاجة إلى فسخ البيع، مثل أن يقبضها (٢) الورثة من أموالهم أو يسقط الغرماء حقوقهم، فإن المذهب على قولين: أحدهما: أن البيع لا يفسخ. وهو الأشهر من المذهب، لأن النهي عن


(١) النساء: ١١.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يقضيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>